تشكل هواتف بلاك بيري الذكية عقبة صعبة أمام آداء الدول لمهمّتها في حفظ الأمن القومي. ومن الهند إلى العالم العربي، تكثر المخاوف من أن تشكّل بعض الخدمات التي يقدّمها هاتف بلاك بيري ثغرة ينفذ منها العابثون بالأمن.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
آخر الفصول كان في الخليج العربي حيث أعلنت الامارات ان خدمات بلاك بيري التي تشمل الماسنجر وتصفح الانترنت ورسائل البريد الالكتروني ستعلق ابتداءً من تشرين الأوّل (أكتوبر) المقبل لأنَّها "تتيح لأفراد القيام بانتهاكات" لا يمكن للحكومة مراقبتها. وسارت السعودية على خطى الإمارات، حيث أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الإيقاف الفوري لخدمة بلاك بيري لقطاع الأعمال والأفراد ابتداء من 6 آب (أغسطس) لعدم إيفاء خدمات بلاك بيري بالمتطلبات التنظيمية وفق أنظمة الهيئة وشروط التراخيص الصادرة لمقدمي الخدمة ، علماً بأنه تم تأجيل إيقاف الخدمة في المملكة نظراً للمفاوضات الجارية بين الشركة المصنعة وهيئة الإتصالات السعودية.من الجانب الآخر، تقول الشركة الكندية المصنعة لبلاك بيري "ار آي ام" ان جهاز "بلاك بيري" مصمم للسماح للمستخدمين بـ "نقل معلومات لاسلكيا وهم على ثقة بان احدا حتى "ار آي ام" لا يمكنه الوصول الى تلك المعلومات". وتنفي الشركة أن تكون أعطت بعض الحكومات دون سواها حق الوصول الى بيانات المستخدمين. وتستخدم "ار آي ام" طبقة خاصة من التشفير لحماية الرسائل الالكترونية خلال توجيهها الى ملقمات الشركة ثم الى المستخدمين المرسل اليهم.
سؤال يطرح نفسه بشدة في خضم هذه المفاوضات والقرارت التي تتخذها هيئات تنظيم الإتصالات في دول العالم الثالث إنطلاقاً من الهند إلى الخليج العربي ، وهو: هل يمثل البلاك بيري هاجساً أمنياً لسياسات هذه الدول الأمنية؟
الجواب : نعم ، فكما نعلم جميعاً بأن أجهزة الأمن في جميع دول العالم لها إهتمامات معينة بمراقبة إتصالات بعض الأشخاص والمنظمات نتيجة تاثيرها على الأمن الوطني والأمن العام أو الخاص ، مثل إرتباطات تنظيمية دولية أو محلية ، نشاطات هدامة وإرهابية ، نشاطات تجسيسة ، نشاطات إجرامية دولية كتجارة المخدرات والأسلحة وغيرهما.
التقنية الجديدة في جهاز البلاك بيري تتيح الفرصة للأشخاص الذين يمارسون مثل هذه النشاطات للتهرب من الرقيب الأمني نظراً للتشفير الذي توفره الشركة لمستخدمي الجهاز وإلى تاريخه لم تتمكن أجهزة الأمن من التوصل - ولا حتى من خلال الشركة المصنعة - إلى الوصول إلى المعلومات المتبادلة بين المتراسلين من خلال البلاك بيري بسبب رفض الشركة المصنعة - التي تحتفظ بكامل خدماتها في مقرها الرئيسي في كندا وتتشدد في ذلك ، وتأتي المفاوضات بين هيئات الإتصالات في الخليج العربي وأوروبا وآسيا إلى الضغط على الشركة المصنعة لتزويدها بخاصية الولوج وكسر التشفير وبإلتالي رفع الخصوصية عن المعلومات المتداولة والمتبادلة بين الأشخاص ، وقد يتطلب ذلك نقل التحكم أو تقسيمه بين الدول المشغلة على حسب المشتركين ، بمعنى أن يكون لهيئة الإتصالات السعودية إمكانية الولوج إلى تفاصيل المشترك أو المستخدم ونوعية المعلومات أو الرسائل التي يتبادلها مع الآخرين مباشرة.
والجدير بالذكر أن جهاز "البلاك بيري" هو جهاز الاتصالات الوحيد في العالم الذي يصدّر بياناته فوراً إلى خارج حدود الدول التي يعمل فيها، وهو ما يشكل خطورة بالغة على سرية المعلومات خصوصية وأمن الأفراد والدول علاوة على أن الجهة التي تتولى إدارة كل ذلك هي شركة تجارية أجنبية، وهو ما يعني أن اتصالات "البلاك بيري"، والبيانات العابرة خلاله تظل خارج نطاق الاختصاصات والقوانين المحلية في الوقت الذي يمكن أن تتم فيه مراقبة جميع الاتصالات والبيانات التي يتم تداولها عبر تلك الأجهزة بواسطة طرف ثالث خارج الدولة.
وفيما يلي الخبرات التي واجهتها بعض الدول من الشرق إلى الغرب حول تكنولوجيا البلاك بيري وخطورتها على الأمن القومي ، حيث كانت أول الخلافات التي نشبت بين الشركة الكندية والحكومات ما تم في نهاية عام 2008 عندما كشفت الحكومة الهندية أن منفذي تفجيرات "مومباي" التي حدثت على أراضيها في ذلك الوقت استخدموا خدمات جهاز "بلاك بري" في تواصلهم لتنفيذ تلك التفجيرات. وطلبت الحكومة الهندية من الشركة الكندية فك تشفير الرسائل المشبوهة حيث اشتكى مسئولي الاستخبارات الهنود من عدم قدرتهم على فك شفرة البيانات والرسائل التي يتم إرسالها عبر شبكة "بلاك بيري"، ولكن لاقى ذلك رفض شديد من قبل الشركة. وعللت ذلك بأنها لا تسمح لأي طرف آخر بالاطلاع على طريقة تشفير بياناتها، مما زاد من شدة التوتر بين الحكومات التي تريد حماية شعبها و أمنها و أراضيها وبين الشركة الكندية التي تحمي خصوصية عملائها وسرية بياناتهم. وفي الولايات المتحدة الأمريكية قام الفريق الأمني الرئاسي الأمريكي حسب شبكة "سي.إن.إن" الأخبارية الأمريكية بمصادرة جهاز الـ"بلاك بيري" الخاص بالرئيس باراك أوباما بسبب ما اعتبرته دواع أمنية، وذلك بعد أن استمر الرئيس في استخدام هذا الجهاز على الرغم العديد من النصائح التي كان تلقاها قبل دخوله إلى البيت الأبيض. وفي فرنسا طلبت الحكومة الفرنسية من موظفيها التوقف عن استخدام هاتف "بلاك بيري" مبررة ذلك بمخاوفها المتعلقة بأن الرسائل التي ترسل عبر الهواتف المعنية تمر عبر خوادم الكمبيوترات الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، وهو ما يتيح إمكانية التجسس عليها والحصول على معلومات تخترق الأمن والخصوصية.
وفي الإمارات أعلن عدد كبير من مستخدمي هاتف " البلاك بيري" بالدولة مخاوفهم من إستخدام ذلك الهاتف الذي لم يعد مأمونا بشكل يضمن سرية المكالمات والرسائل التي تنطلق من خلاله، خاصة بعد استطلاع الرأي الذي أجرته شركة "انتيجرل ريسيرتش" خلال الفترة من 14 إلى 16 يوليو الجاري و أوضح الإستطلاع أن 58% من المشاركين به وغالبيتهم من الذكور الإماراتيين يشعرون بالقلق بعدما أعلنت بعض الجهات أن تطبيقات جهاز" البلاك بيري" مسيطر عليها من شركات خارج نطاق السلطة القضائية لدولة الإمارات، وهو أمر بات يهدد خصوصياتهم وأعمالهم التجارية داخل وخارج الدولة التي يحتاج الكثير منها إلى السرية.
وفي الكويت يطالب البعض المسؤولين بالتأكد من هذه الاجهزة ومدى خطورتها إن وجدت فعلا، وانه اذا كانت تستخدم استخداما غير جيد فلابد أن يكون للمسؤولين وقفة جادة وحازمة معها، مشيرين الى ان أمن ومصلحة الدولة فوق كل شيء و أنه اذا كانت أجهزة البلاك بيري تشكل خطرا فلابد من مصادرة هذه الاجهزة بالكامل من حامليها. وفي المقابل قال البعض الاخر أن وقف تلك الخدمة لن يجدي خاصة ان الأفراد يمكنهم شراء «بلاك بيري» من البحرين وتشغيل الخدمة.
وفي السعودية طلبت هيئة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات السعودية من شركة "أر أي إم" تزويدها بالوسائل التقنية التي تمكنها من الدخول على شبكتها، وأرفقت مطالبتها بتهديد بوقف الخدمة في المملكة في حالة عدم استجابة الشركة.
وفي البحرين قامت وزارة الإعلام والثقافة بمنع تناقل الأخبار بالهواتف النقالة من دون ترخيص من وزارة الإعلام، والتهديد بمعاقبة الأفراد والجهات والمسئولين على تلك الرسائل من خلال اتخاذ إجراءات قانونية من صحف وجمعيات، وذلك بهدف منع إرسال الأخبار عبر الرسائل النصية القصيرة لمشتركي خدمة "البلاك بيري" الهاتفية. وفي المقابل طالب مركز البحرين لحقوق الإنسان وزيرة الإعلام برفع الحظر على خدمات البث على البلاك بيري وغيره من وسائل النشر واحترام حقوق الناس في الحصول على الأخبار والمعلومات.
وفي مصر ألمحت الحكومة مؤخراً إلى أنها تنوى حظر خدمة "البلاك بيري"، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي، فضلاً عن مخاوف أخرى تتعلق بخصوصية وسرية الرسائل والبيانات التي تبث من خلاله. كما حظرت قطر و تونس استخدام خدمات معينة في البلاك بيري، كما حظرت باكستان استخدامه كليا بسبب ما يشكله من اختراق للخصوصية والسرية.
استبدال البلاك بيري بالأيفون
وفي دراسة ذكرها موقع PC world وقامت بها شركة crowdscience جاء فيها أن نسبة 40% من مستخدمي جهاز البلاك بيري مستعدون لاستبداله بجهاز الأيفون وأن ثلث هذه النسبة يرغبون في تجربة جهاز يعمل بنظام تشغيل أندرو يد,مع أن جهاز البلاك بيري في مجال المحادثة والمشاركة يعتبر الأكثر استخدما,إلا أن الكثير من مستخدميه قد لا يمانعون في تجربة غيره من الأجهزة في حال توفرت لهم الفرصة,ربما يرجع ذلك لأن غالبية مستخدميه لا يتعاملون معهُ سوى في المجال التجاري فقط. أما مستخدمي جهازي الأيفون والأندر ويد فأظهرت الدراسة أن غالبيتهم لا يفكرون أبداً في الانتقال إلى غيره من الأجهزة وأن نسبة تسعة من عشرة من مستخدمي الجهازين يفضلونها في مجال العمل والاستخدام الشخصي لما يوفرانه من مميزات تجمع المجالين معاً، إضافة إلى سهولة استخدام ولوحة تحكم سريعة وسلسة.