أحمد عيسى الهلالي - المسؤول الإداري بأدبي الطائف
الحرية مطلب كل حي، فكلما عاش الإنسان تحت التصرف الكامل لإنسان آخر عاش صفرا ومات كذلك، فكانت الحرية هاجس الإنسان الأول، فلا إبداع ولا تميز ما لم يملك الإنسان هذا الحق الفطري الذي يكفل له الاستقلالية، في الفكر والقول والعمل. وكأي أمر من أمور الحياة يجب التوسط في السعي وراء مطلب الحرية، فالحرية المطلقة تتجاوز معناها لتصبح انفلاتا من كل الضوابط، وفي الجهة المقابلة تفضي القيود المغلظة على الحرية إلى الانكماش، وكلاهما (الانفلات/ والانكماش) يشكلان عبئا ثقيلا على بناء المجتمعات، فما حاجة المجتمع إلى منفلتين من كل الضوابط، تهدر طاقته في ملاحقة عبثيتهم وتقويم سلوكهم، وما حاجته أيضا إلى أناس لا يملكون ذواتهم، فأي إبداع وأي تميز سيقدمونه إلى مجتمعاتهم.
إن الحرية المنضبطة هي الجوهر الذي يجب الاتفاق عليه، حتى في الطرح الإعلامي، مع يقيني بأنه المقصود، لكن درجات التلقي تختلف من ذات إلى أخرى، فالبعض قد يأخذ موقفا من الداعي إلى الحرية لأنه تلقى الخطاب بفهم مطلق للحرية بالتمرد على كل القيم والأعراف الدينية والمجتمعية، فصارت الحرية في فهمه مرادفا للانفلات فعاداها وقمع كل من ينادي بها. وآخر قد يتلقى الحرية على ذلك الفهم المطلق أيضا، فيسعى إلى تحقيقها بهذا المفهوم فعلا وقولا. لنلقي نظرة على الصراعات التياراتية اليوم، حتى تقترب الصورة أكثر، فقيادة المرأة للسيارة حق في نظر فريق، لكنه ليس حقا في نظر الفريق الآخر، مما أجج الموقف بين الفريقين، فأفرز الصراع بعض المصطلحات الآتية: (دعاة التحرر) وهو مصطلح يحمل شحنة الحنق عندما يطلقه الفريق المحافظ. و(الأوصياء) بشحنته التذمرية عندما يطلقه الفريق الليبرالي على المحافظين. فنجد تلقي أنصار الفريقين للحرية والصراع حولها بما يفرزه من مصطلحات هو اللاعب الرئيس في تأزيم الموقف، فأصبح مصطلح الحرية عند أنصار الفريقين بين جادتين، الأولى: إن الحرية شبح يهدد بتقويض الفضيلة في فهم أنصار المحافظين. والثانية: إن الحرية مطلب يجب نيله بكل الطرق المتاحة وإزاحة كل حائل دونه بمن فيهم المحافظون أنفسهم، من وجهة نظر أنصار الليبراليين. حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم من تصيد كل فريق لمثالب الآخر وتتفيه كل نجاح يحققه.
كم نحن بحاجة إلى ضبط مصطلحاتنا قبل إطلاقها، فضبط المصطلح يقي معناه من التشويش وتضارب وجهات النظر، وهذا كله يأتي إذا آمن الجميع بتفاوت الأفهام في تلقي المصطلح، حتى بين النخب العالمة والمثقفة، فكيف بالعامة؟!
جريدة الوطن
الحرية مطلب كل حي، فكلما عاش الإنسان تحت التصرف الكامل لإنسان آخر عاش صفرا ومات كذلك، فكانت الحرية هاجس الإنسان الأول، فلا إبداع ولا تميز ما لم يملك الإنسان هذا الحق الفطري الذي يكفل له الاستقلالية، في الفكر والقول والعمل. وكأي أمر من أمور الحياة يجب التوسط في السعي وراء مطلب الحرية، فالحرية المطلقة تتجاوز معناها لتصبح انفلاتا من كل الضوابط، وفي الجهة المقابلة تفضي القيود المغلظة على الحرية إلى الانكماش، وكلاهما (الانفلات/ والانكماش) يشكلان عبئا ثقيلا على بناء المجتمعات، فما حاجة المجتمع إلى منفلتين من كل الضوابط، تهدر طاقته في ملاحقة عبثيتهم وتقويم سلوكهم، وما حاجته أيضا إلى أناس لا يملكون ذواتهم، فأي إبداع وأي تميز سيقدمونه إلى مجتمعاتهم.
إن الحرية المنضبطة هي الجوهر الذي يجب الاتفاق عليه، حتى في الطرح الإعلامي، مع يقيني بأنه المقصود، لكن درجات التلقي تختلف من ذات إلى أخرى، فالبعض قد يأخذ موقفا من الداعي إلى الحرية لأنه تلقى الخطاب بفهم مطلق للحرية بالتمرد على كل القيم والأعراف الدينية والمجتمعية، فصارت الحرية في فهمه مرادفا للانفلات فعاداها وقمع كل من ينادي بها. وآخر قد يتلقى الحرية على ذلك الفهم المطلق أيضا، فيسعى إلى تحقيقها بهذا المفهوم فعلا وقولا. لنلقي نظرة على الصراعات التياراتية اليوم، حتى تقترب الصورة أكثر، فقيادة المرأة للسيارة حق في نظر فريق، لكنه ليس حقا في نظر الفريق الآخر، مما أجج الموقف بين الفريقين، فأفرز الصراع بعض المصطلحات الآتية: (دعاة التحرر) وهو مصطلح يحمل شحنة الحنق عندما يطلقه الفريق المحافظ. و(الأوصياء) بشحنته التذمرية عندما يطلقه الفريق الليبرالي على المحافظين. فنجد تلقي أنصار الفريقين للحرية والصراع حولها بما يفرزه من مصطلحات هو اللاعب الرئيس في تأزيم الموقف، فأصبح مصطلح الحرية عند أنصار الفريقين بين جادتين، الأولى: إن الحرية شبح يهدد بتقويض الفضيلة في فهم أنصار المحافظين. والثانية: إن الحرية مطلب يجب نيله بكل الطرق المتاحة وإزاحة كل حائل دونه بمن فيهم المحافظون أنفسهم، من وجهة نظر أنصار الليبراليين. حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم من تصيد كل فريق لمثالب الآخر وتتفيه كل نجاح يحققه.
كم نحن بحاجة إلى ضبط مصطلحاتنا قبل إطلاقها، فضبط المصطلح يقي معناه من التشويش وتضارب وجهات النظر، وهذا كله يأتي إذا آمن الجميع بتفاوت الأفهام في تلقي المصطلح، حتى بين النخب العالمة والمثقفة، فكيف بالعامة؟!
جريدة الوطن