[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
يكاد يكون حسن التعامل واللباقة ودماثة الخُلق لغة عالمية مشتركة، إذ يندر أن تجد مجتمعاً ينبذ الصدق ويكره العدل ويحبّ السرقة والظلم والعدوان، وإذا وجد مجتمع كهذا فهو مجتمع بدائي متخلِّف يعيش خارج إطار الإنسانية المتحضّرة، فهو الشاذّ الذي لا يُقاس عليه.
من هنا كانت المواعظ والحكم والوصايا والنصائح في مختلف الشرائع والأديان واحدة أو قريبة الشبه من بعضها البعض، ذلك أنّ الإنسان واحد ـ وإن تنوّعت الفوارق الفردية ـ، وأنّ مصدر الرِّسالات واحد، وإن تعدّدت تعاليمها، وأنّ غايتها واحدة في إنزال مكارم الأخلاق منزلة الحركة اليومية المعاشة في حياة الناس، فليس غريباً أن تكون غاية الرِّسالة الخاتمة ما قاله الرسول الأكرم صلى الله عليه و سلم : «إنّما بعثت لاُتمِّم مكارم الأخلاق». ولذا فإنّنا سنعمد إلى ما تشابه من هذه القواعد الأخلاقية وآداب السلوك الجذّابة والفاعلة والمؤثرة في كلّ وقت وكلّ مكان.
فمن بين طرق اكتساب اللباقة واللياقة الاجتماعية:
1- الإبتسامة: فهي مفتاحٌ سحريّ نفتح به قلوب الناس. فهذه الاشراقة العذبة الجميلة التي تتندّى بها الشفاه ويضيءُ بها وجه أحدنا تنطق بكلمات شاعرية شفّافة.. تقول للآخر: أنا أحبّك.. أنا أسالمك.. وأنا أريد أن أعقد معك علاقة ودّ لا تنفصم، تنبع من القلب وتطفح بالصدق على الشفتين والوجنتين والعينين.
إنّها ساحرة.. لأنّ الآخر ـ شاء أم أبى ـ سوف يقابلها بمثلها أو بأحسن منها، فإذا الاشراقةُ إشراقتان، وإذا الحبُّ حبّان، وإذا قرار السلام قراران. ففي الحديث الشريف: «تبسّمك في وجه أخيك صدقة».
وفي قواعد السلوك العامّة: «ابتسم.. تبتسم لك الدّنيا، واعلم أنّك حين تبتسم تستخدم ثلاث عشرة عضلة من عضلات وجهك، في حين أنّك تستخدم (74) عضلة إذا عبست»!! فلم إتعابُ العضلات فيما لا يجدي نفعاً، أو فيما تكون نتائجه وخيمة؟!
وفي هذه القواعد أيضاً: «إنّ قسمات الوجه خير معبّر عن مشاعر صاحبه، فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين. إنّها أفضل من منحة يقدمها الرجل، ومن أرطال كثيرة من المساحيق على وجه المرأة، فهي رمز المحبّة الخالصة والوداد الصافي».
فلِمَ البخلُ إذاً؟!
ابتسم للجميع صغاراً وكباراً، وسترى أنّك تحفّز الآخرين على الابتسام وتشيع جوّاً حميماً دافئاً وناعماً من الوئام، وتبدِّد الكثير من سخام القلوب والأضغان والأوهام، فـ«حسنُ البشر يذهب السخيمة». والابتسامة ـ كما يقول العارفون المجرّبون ـ لا تكلِّف شيئاً ولكنّها تعود بخير كثير، ولقد عرف عن أهل الصين قولهم: «إنّ الذي لا يحسن الابتسام لا ينبغي له أن يفتح متجراً» فالابتسامة بائع ناجح.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
2- المصافحة: وهي تعبير حار عن انطواء قلبِ المصافح على الحبّ لمن يصافحه، فهي لغة عالمية عاطفية اُخرى لا تحتاج إلى مترجم. فما أن تضع يدك في يد أخيك حتّى تتسرّب شحنات المودّة إلى قلبيكما فيخضلاّن بالحبّ ويرفلان بالصفاء ويغتسلان بمطر الألفة الأليفة.وقد ورد في الحديث الحثّ على المصافحة، حتّى أنّك وأنت تهزّ يد صاحبك فإنّ ذنوبكما تتساقط كما تتساقط أوراق الخريف من أشجارها. فعن محمّد الباقر (ع): «إذا التقى المؤمنان فتصافحا أقبل الله بوجهه عليهما، وتساقطت عنهما الذنوب كما يتساقط الورق من الشجر».
3- السّلام: كلمات التحيّة بين الناس ترحيبٌ وحفاوةٌ وإعراب عن المودّة والمصافاة، ولكنّ تحيّة الإسلام «السّلام عليكم» مشحونة بتعبير مكثّف عن ذلك كلّه وزيادة، فهي عنوان كبير لموضوع خطير، وهل العالمُ اليومَ وبالأمس وغداً غيرُ باحث عن السّلام؟!
لهذا السّبب نفهم لماذا جاء في الحديث «إنّ الله عزّ وجلّ يحبّ إفشاء السّلام». فأنت حين تلقي التحيّة، في كلّ وقت، وعلى كلّ من تلقاه ممّن تعرف وممّن لا تعرف، تكون قد نثرت أزاهير السّلام الفوّاحة في طريق الناس، وأدخلت في قلوبهم بردها وطمأنينتها، فليس أجمل من أن يستشعر الآخر الأمان وهو يلتقيك، وليس أروع من أن يبادلك الأمن والأمان بردّ السلام بمثله أو بأحسن منه.
وفي قواعد السلوك العامّة، يقول أحد الشُّعراء:
«في كلّ ساعة من ساعات النهار
يمكنك أن تجود بشيء
قد يكون إبتسامةً
وقد يكون يداً تمدّها للمصافحة
وقد يكون كلمةً
تقوّي بها من عزم الآخرين»!
4- المعانقة: إذا كانت الابتسامة فاتحة اللِّقاء المضيئة، والسلام كلمته الباعثة على السكينة، والمصافحة تحيّة القلب إلى القلب، فإنّ المعانقة بثّ للمشاعر التي تعجز الابتسامة والسلام والمصافحة عن التعبير عنها.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
5- للإسم في حياتنا أكثر من قصّة التسمية في الميلاد.. إنّه قريننا الذي قد يترك أثره علينا إيجاباً أو سلباً، وهذا هو السبب الذي جعل آداب الإسلام تحثّنا على أن ننادي الناس بأحبّ الأسماء إليهم، فإذا أحبّ المنادى إسمه الصريح ناديناه به، وإذا أحبّ الكنية كنّيناه، بل يمكننا أن نُضفي جوّاً من المحبّة على من اسمه (محمود) لنقول له: كم أنت محمود الخصال يا محمود، وعلى من اسمها (زهرة) لنقول لها أنت كالزهرة تعبقين خلقاً وطيباً، وهكذا ففي كلّ اسم لفتة طريفة يمكن الإفادة منها في تعزيز العلاقة مع الآخر.وفي قواعد السلوك العامّة: «إذا أردت أن يحبّك الناس، فاذكر أسماءهم لأنّ اسم الرجل هو أحبّ الأسماء إليه، فحين تلقى رجلاً فتعرف اسمه وتناديه به، تكون قد قدّمت له مجاملة لطيفة سيشكرك عليها، ويجزيك مكافأتها، أمّا حين تنسى اسمه فإنّه سيعتبر ذلك إهانة توجِّهها إليه».
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
6- الإصغاء والإنصات باهتمام إلى ما يقول الآخر، خصلة طيِّبة تعبِّر عن تعاطف ودود مع المتكلِّم واحترامه بحيث نتركه يُفضي بكلّ ما لديه من دون مقاطعة. فلقد نهى الحديثُ الشريف عن أن يقاطع المسلم أخاه المتكلِّم وإلاّ يكون كمن يخدشه في وجهه. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : «مَن عرض لأخيه المسلم ـ أي المتكلّم ـ فكأ نّما خدش وجهه». ذلك أنّ غاية ما يطلبه المتحدِّث أن تكون أذناً صاغية لما يقول، فإذا ما فرغ من حديثه كان لك حقّ التعليق والتعقيب ومناقشة ما طرح.
فعلاوة على أنّ المقاطعة لا تفسح المجال بالبوح بما في نفس محدثك، فإنّها تجرح إحساسه بحيث قد تسيء فهمه، بل إنّ كثيراً من الناس يودّون أن يعثروا على من يُحسن الاستماع إليهم ويشعرهم باهتمام خاصّ حتّى ولو لم يكن حديثهم على جانب من الأهمّية. يقول عليّ (ع): «كان لي فيما مضى أخٌ في الله... وكان على أن يسمع أحرص منه على أن يتكلّم».
وفي آداب السلوك العامّة: «خيرُ محدِّث هو من يستمع بشغف إلى الآخرين، وأنّ الذي يتكلّم عن نفسه فقط لا يفكِّر إلاّ في نفسه فهو أناني، ومثل هذا جاهل يدعو حاله إلى الرثاء، فإذا أردت أن تكسب براعة في الحديث، وأن يحبّك الناس فعليك أن تكون مستمعاً طيباً تشجِّعه على الكلام عن نفسه».
يقول أحد الحكماء: «لم أتعلّم شيئاً أبداً وأنا أتكلّم».
7- قد لا تعرف أنِّي أحبّك ما لم أقل لك ذلك، أو قد تعرفه بصفة إجمالية، لكنّك لا تعرف عمقه ومداه إذا لم اُصرِّح لك بذلك، أو أن اُعبِّر عنه بكلمات طيِّبة، ومشاعر دافئة، أو مواقف مخلصة، أو هدية ذات مغزى، وما إلى ذلك.
فمن المندوب إسلامياً في مجال العلاقات الاخوانية انّك إذا أحببت شخصاً أن تبوح له بحبّك ولا تكتم هذا الحبّ من أجل أن يستشعر الطرف الآخر محبّتك له فيعمل على أن يبادلك حبّاً بحبّ، وقد تحقق كلمات الحبّ المخلصة نتائج مذهلة لم تكن في الحسبان.
فعن جعفر بن محمّد الصادق (ع) قال: «إذا أحببت رجلاً فأخبره بذلك فإنّه أثبت للمودّة بينكما». وقد ورد في بعض آداب السلوك وطرق اكتساب اللباقة: «إجعل ديدنك أن تروي للآخرين ما يلذّ لهم ممّا سمعت أو قرأت، ولا تهمل المجاملات العابرة وهي المديح المخلص الصادق.. امنح الآخرين التقدير المخلص لكلّ ما يسدونه إليك من خدمات مادِّية كانت أم معنوية فإنّ ذلك من معزّزات الثقة في النفوس ومرسّخات المحبّة في القلوب.. فثمة فرق بين التقدير والتملّق، إنّ التقدير نقي خالص فيه صدق، وأمّا التملّق فكذب وانتهازية بغيضة».
8- كلمات الشكر والتقدير تعبير جميل عن الامتنان والعرفان لمن يسدي إليك معروفاً، بل هي محفّزات على أن تستزيده، ولذا فإنّ من الواجب علينا أن نشكر المحسن، ففي الحديث: «مَن لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق». وقد جمع الله الشكر له وللوالدين في آية واحدة تدليلاً على أهمّية الثناء للمنعم ربّاً كان أم أباً واُمّاً (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)(لقمان/ 14). وفي الحديث: «الثّناء بأكثر من الإستحقاق ملق، والتقصير عن الإستحقاق عيّ».
ومن بين أساليب الشكر إبراز الخصائص الاستثنائية في المشكور، واعلم أنّ الشكر الشخصي، أي لكل فرد عامل ومنتج ومخلص، أثمر من الشكر الجماعي، وأنّ القول إنّ الجميع يقدّرون ذلك ويشعرون به، أو إرجاع الفضل إلى شخص بعينه في إنجاز أو نجاح أو إبداع هو شكر جزيل، وإنّ المكافأة شكرٌ وتشجيع، والكلمة الطيِّبة التي تنضح بالثّناء والتقدير شكر، والدعاء له بأن يثيبه الله أفضل الجزاء، كلّ ذلك وغيره من أساليب الشكر التي يحسن بنا العمل بها إن أردنا علاقات إنسانية أجمل وأفضل وأنبل وأدوم.
وفي قواعد السلوك العامّة: «استهلّ يومك بتوجيه الشكر للناس، وعند الظهيرة أشكر المزيد من الناس، وقبل أن تذهب إلى البيت في اللّيل عليك أن تشكر المزيد منهم، فتوجيه الشكر للناس هو جزء مهم من إحاطتهم بالاهتمام والرعاية وفيه فائدة لصحّتهم النفسية».
9- ليس أسعد على قلبي وأرفق بنفسي من أن أجد عندك عذراً فيما أخطأت به، إنّك بذلك ترفع عن كاهلي ثقل هذا الخطأ، وتمنحني الثقة في نفسي، وتعلِّمني درساً في التعامل الرفيق والرقيق والرشيق عليّ التمس لك عذراً أنا الآخر فيما أخطأت به.
ففي الحديث الشريف: «احمل أخاك على سبعين محملاً، فإذا لم تجد له عذراً فالتمس له عذراً». وعن عليّ (ع): «لا تظنّن بكلمة خرجت من أحد سوءاً وأنت تجد لها في الخير محتملا». ممّا يعني التركيز على الاحتمالات الإيجابية وانصراف الذهن عن أي تفسير سلبي حتّى إذا استنفدنا الاحتمالات كلّها ولم يبق إلاّ الاحتمال السلبيّ فلنبحث عن عذر نبرِّر به خطأ من أخطأ من إخواننا المؤمنين.
وفي آداب السلوك: «اكتسب المقدرة على أن تمحو الإحساس بالنقص من نفس الشخص الآخر.. إنّ كلمة «أنت مخطئ» هي أقصر طريق لجلب العداوة». وقد مرّ معنا أنّ هناكَ أكثر من طريقة يمكن أن نُشعر المخطئ بخطئه من دون أن نجرح إحساسه.
10- شتان بين من يقدّر الآخرين ويشعرهم بأهمّيتهم ولا ينتقص من أقدارهم ولا يبخسهم أشياءهم، وبين من يجعلهم موضع سخريّته وتندّره وازدرائه، ذاك يجلب الناس ويجذبهم إليه، وهذا ينفِّرهم ويبعِّدهم عنه. وقد نهى الله سبحانه وتعالى عن السخرية من الآخرين في قوله: (لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِن قَوْم عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ) (الحجرات/ 11).
وفي الحديث الشريف: «إنّ الله أخفى أولياءه في عباده»، فما يدرينا أنّ هذا الذي تزدريه أعيننا قد يكون عند الله أفضل وأشرف منّا. ولذا فإنّ الرواية التي تعلّمنا كيف نرتّب الناس مراتب فُضلى ليس حديثاً أخلاقياً فحسب، بل يقدِّم لنا درساً في فنّ التعامل والتقييم الاجتماعي. فعن جعفر بن محمّد الصادق (ع): «إذا رأيت من هو أكبر منك سنّاً فقل: سبقني إلى الفضل، وإذا رأيت من هو أصغر منك سنّاً فقل: سبقته إلى المعاصي، وإذا رأيت من هو في مثل سنّك فقل: أنا أعلم بما في نفسي ولا أعلم بما في نفسه». فأنت في كلّ الأحوال تتهم نفسك وتحسن الظنّ بالآخرين، فأيّة تربية ترتفع بأتباعها إلى هذا المستوى غير التربية الإسلامية؟!
وفي قواعد السلوك: «لا تسخر من الآخرين ولا تهزأ بهم، بل أشعرهم بأهمّيتهم، وإذا كنت تريد أن يحبّك الناس، فأسبغ عليهم التقدير الذي يتأمّلونه ويتعطّشون إليه.. دعهم يشعرون بأهمّيتهم.. اختر شيئاً جميلاً فيهم وحدِّثهم عنه، ولن تعدم ذلك الشيء الجميل، فالناس يختلفون ويتفاوتون ولكن لا يمكن إلاّ أن تجد شيئاً جميلاً في كلّ فرد منهم إن لم يكن في خلقته ففي روحه. ولمّا كنت تحبّ لنفسك السعادة والشعور بالرضا، فاجعل الآخرين الذين هم إخوتك في الإنسانية يشاركونك مثل هذا الشعور.. إنّ الناس ـ وأنا وأنت منهم ـ هم عاطفة أوّلاً ثمّ أصحاب منطق وعقول في الدرجة الثانية».
11- انظر إلى من حولك.. دقِّق النظر جيِّداً.. فسوف لن تجد شخصاً يخلو من خصلة طيِّبة أو أكثر حتّى في الذين يبدون للوهلة الاُولى خالين منها، فلو تطلّعنا إلى الصفات الإيجابية الطيِّبة في الآخرين لاستطعنا أن نكسبهم إلى صفّنا.
ويقول عارفون بأسرار السلوك الناجح: «ينبغي أن تذكر أنّنا مع اختلافنا نتشابه على الأقل في أمر واحد، هو أنّ لكلّ منّا أوجه تفوّق وامتياز».
ويقول آخرون: «إذا أردت أن تنتقد، فالفت النظر إلى الأخطاء تلميحاً وبكلّ لباقة»، ففي الحديث «رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي» والهدية لاتكون إلاّ لإدخال الفرح على النفس، فكيف نهدي الآخرين عيوبهم، ذلك هو ما نقول عنه أنّه فنّ. ولقد عاتب أحد الشُّعراء صديقاً له، فقال له:
إن لـم يكـن أدبـي****فخُلقُك كان أولى أن يصُدّك
12- إنّ أقدر الناس على كسب حبّ الناس ومودّتهم وموالاتهم هو الذي يجرّ عليهم نفعاً، ففي الحديث الشريف « خير الناس من نفع الناس»، وكلّما كانت المنفعة أكبر كان وقعها في النفس أكبر ومردودها في رصيد العلاقات الاجتماعية أوسع.
إنّ من لوازم الصحبة الصالحة أن يجد الشاب أو الشابّة فيمن يصاحبانه صحبة كريمة حميدة مباركة نافعة في اُمور الدين والدّنيا، فلا بخل ولا مباهاة ولا منّة والصحبة لله وفي الله.
ولهذا السبب قال بعض الخبراء في مجال العلاقات الانسانية: «بالتشجيع تحفّز الناس إلى النجاح، وتجعل الشخص الآخر يحبّ ما تريد منه إذا عملت على أن تحبب له ما تريده منه، فالطعم المناسب هو الذي يصطاد السمك».
13- من عادتنا ـ في الأعمّ الأغلب ـ أن نلتفت إلى الشؤون الكبيرة فقط، أمّا اللفتات الصغيرة والتي لها أثر مهم في نفوس من نتعامل معهم، فقد لا نلقي لها بالاً ولا نقيم لها وزناً.
فعن جعفر الصادق (ع) في قول الله عزّ وجلّ (إِنّا نَراَكَ مِنَ الـمُحسِنِينَ) قال: «كان يوسّع المجلس ويستقرض للمحتاج ويعين الضعيف». وعنه (ع): «ليس منّا من لم يملك نفسه عند غضبه، ومن لم يحسن صحبة من صحبه، ومخالفة من خالفه، ومرافقة من رافقه، ومجاورة من جاوره، وممالحة من مالحه». فهذه كلّها فرص ثمينة لتوطيد أواصر العلاقة وسقاية شجرة الحبّ لتنمو أكثر وتزهر أكثر وتثمر أكثر.
وفي قواعد السلوك: «لا تهمل اللفتات الصغيرة فإنّ لها شأناً كبيراً».