[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
مع بداية العام 2011 بدأت الأنظمة العربية تتهاوى على أيدي ثورات قادها شباب من قوى الشعب في الدول العربية ، أنظمة إستمرت في قيادة الشعوب العربية لسنوات طوال ، حـٺى يكاد أن منفذي هذه الثورات لا يعرفون رئيساً أو حاكماً لهم سوى الزعيم الذي أطيح به. ومع تعدد المسيرات والمظاهرات التي شملت عدد كبير من الدول العربية المطالبة بالحرية والديمقراطية فإن السؤال الذي يطرح نفسه في أكثر من موضع وأكثر من مناسبة هو: من المسؤول عن تردي الأوضاع في البلاد العربية لدرجة أن يثور الشعب على نظام الحكم ويطالب بالديمقراطية والمساواة والعدالة الإجتماعية بل والحرية؟
أجهزة الأمن الوطني
الاجابة على السؤال السابق هو أن السبب الحقيقي في تردي الأوضاع في العالم العربي هو " الأمانة " حيث أنها السبب الأهم الذي أدى ولا يزال يودي بأنظمة عربية أخرى إلى غياهب التاريخ. مع عدم نفي المسؤولية عن الحاكم ، رؤساء الحكومات ، الوزراء ، القضاء ،المجالس البرلمانية وأعضائها. والشعب نفسه ، إلا أن المسؤولية العظمى تقع على كاهل وعاتق أجهزة الأمن الوطني وهي أجهزة الاستخبارات الداخلية في كل الدول بغض النظر عن مسمياتها.
فأجهزة الأمن الوطني هي أذن السلطة ولسان الشعب ، ولكنها في السنوات الأخيرة غيرت الأجهزة هذا المفهوم فأصبحت أذن فقط ، في حين إعترى الجانب الأخر الزيف والتضليل فأصبحت تعمل فقط لصالح السلطة وتنقل إلى الحاكم بأمره ما يرغب في سماعه وتحجب عنه ما قد يكدر خاطره أو ينغص مزاجه في أي يوم ، وبالتالي يتم التعتيم بل وتجميل الحقائق والتقليل من حدة سخط أو إستياء الشارع من خدمة أو قرار أو ما شابه.
قياس الرأي العام
من أهم التقارير التي تقوم أجهزة الأمن برفعها إلى الحاكم تقرير الرأي العام أو قياس الرأي العام ، وفي هذا التقرير يفترض أن تشير أجهزة الأمن بشكل واضح رأي المواطنين في الحكومة والخدمات التي تقدمها لهم ومستوى كفاءتها ، إضافة إلى قياس الولاء والانتماء لدى المواطنين تجاه الحاكم والسلطة ، وغيرها من مواضيع ترغب أو يهم القيادة العليا أو الحاكم معرفة رأي المواطن فيها مثل تعيينات في مناصب حكومية عليا ، تعديلات وزارية ... الخ.
من الجوانب الأخرى المهمة التي تستفيد أجهزة الأمن فيها من تقارير قياس الرأي العام هي معرفة رد فعل المواطن تجاه مشاريع القرارات/ألقوانين/الضرائب الجديدة/تعيينات ...الخ والتي تنوي الحكومة أو الحاكم إصدارها ، حيث تقوم أجهزة الأمن - عن طريق مصادرها والمتعاملين والمتعاونين معها - بتسريب وأشاعة معلومات حول نية الحكومة تعيين فلان في المنصب الفلاني على سبيل المثال وبعد شيوع الخبر في أوساط المجتمع يقوم الجهاز بتلقي ردة الفعل فإذا كانت إيجابية ينصح القيادة العليا بتنفيذ المشروع ، أما إذا كانت سلبية ينصح بالتراجع عن المشروع.
هذه أهم الآليات التي يفترض أن تتبعها أجهزة الأمن لحماية النظام من السقوط على يد ثورة شعبية ، وتحمي بالمقابل حقوق المواطنين من الضياع عندما يعمل المسئولين في الحكومات والسلطات التنفيذية والحزبية استغلال مقدرات الشعب لمصالحهم الخاصة ، وبالتالي بناء ثروات طائلة من أموال الدولة في حين يقبع بقية الشعب في طائلة الفقر والعوز والتدهور الثقافي والصحي ... الخ ، في حين تغلق أجهزة الأمن في السنوات الأخيرة أذانها عن كل ذلك ، كما تصبح أداة قمع للشعب والكابوس الذي يطارد المواطن الناطق بالحق والكاتب والصحفي وكل من يتجرأ أن يقول كلمة حق عند أمام جائر وحاكم ظالم ، بل وقد تغلغل الفساد المالي والإداري إلى هذه الأجهزة نفسها وأصبح حالها حال أي وزارة أخرى يبحث المسئولين فيها عن مصالحهم ومصالح أقاربهم الشخصية.
الثورة الإيرانية
لذا فإن أسباب سقوط الأنظمة العربية هي أجهزة الأمن الوطني التي ابتعدت عن دورها الأساسي وأصبحت مؤسسة عادية لا تختلف عن أي مؤسسة حكومية أخرى ، تغلغل إليها الفساد الإداري والمالي والمحاباة والترف بين كبار المسئولين ، وهذا أمر واقع ، ولو رجعنا للخلف قليلاً لوجدنا بأن سبب سقوط شاه إيران كان أجهزة الأمن التي كانت تصور له أن الشعب يمجده ويبجله وأن الظروف الاجتماعية والمادية في أحسن ما يكون ، في حين كان الشعب يعاني الأمرين ، فما كان نتيجة ذلك إلا الثورة وسقوط الشاه.
ثورة 25 يناير المصرية
أما سبب سقوط حسني مبارك فهو اللواء عمر سليمان الذي حاول مبارك الاستنجاد به في آخر أيامه لينقذ النظام من السقوط ، ولكن بما أن سليمان قد أغرق مبارك طوال السنوات الماضية فكيف له أي ينقذه في أسبوعين ؟! ولكن مبارك كان ينشد في سليمان المحاور والمفاوض الذي طالما تفاوض نيابة عنه مع الإسرائيليين تارة ووفق بينهم والفلسطينيين ، بل وبين الفرقاء الفلسطينيين تارة أخرى ، ولكن يبدو أن سليمان إما أنه قد فقد فن التفاوض والحوار مع مر السنين وأن التكتيكات الحديثة لم تصل إليه ، أو أن المحاور في هذه المرة لا تهمه الإغراءات المادية وأنه كان أكثر عندا من الآخرين.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
الثورة الليبية
إستغبى الرئيس الليبي شعبه وظن نفسه ربهم الأعلى وأخرج لهم الكتاب الأخضر الذي أعتبره كتاب الحاوي الذي يحاول فيه طمس الحقائق وسحر العقول وغسيلها ليس بالإقناع ولكن بالإكراه متخذا من كلمة جماهيرية حجةً لكل شئ يود ممارسته على الشعب من تظليل ، لم يغير في التنظيمات والهيكلة الإدارية في الدولة شئ إلا المسميات فاستبدل الوزارات باللجان الشعبية وما إلى ذلك ويظل القرار في النهاية حكراً على فئة قليلة على رأسها الجماهيري الأعلى ، ولعدم ثقة القذافي في أبناء شعبه جلب نساء – غير متزوجات – ليكن حرسه الخاص ، ومرتزقة أفارقة وآسيويين للأمن المركزي وكتائب القذافي الخاصة ، في ظل غياب دور أجهزة الأمن الوطني في ليبيا لذات الأسباب التي سبق الإشارة إليها ،
الثورة اليمنية
ما حدث في تونس ومصر ويحدث في ليبيا يحدث كذلك في الجزائر ، الأردن واليمن ، حيث أصبحت اليمن على صفيح ساخن كذلك ويسقط القتلى والمصابين كل يوم ، وننتظر الأيام القادمة لنرى ما تخفيه لحكام الوطن العربي من مفاجآت.
كما هو الحال في موقف القوات المسلحة المصرية ، نتمنى أن يكون دور الأجهزة الأمنية في دول الخليج العربي هو حماية الوطن والمواطن وأن يكون ولائه للوطن وليس للفئة الحاكمة وبالتالي لا ينساق مع هذه الفئة ويكون الوطن وتقدمه ورفعة شأنه ورقي الشعب هو الضحية.