الخلافات بين الدول تحدث لأسباب كثيرة: حدود مشتركة، مصالح استراتيجية متضاربة، تنافس اقتصادي. إلا أن «وثيقة صغيرة حمراء أو خضراء اللون لا يتعدى عدد صفحاتها 23 صفحة ولا تتجاوز حجم اليد، اسمها جواز السفر، يمكن أن تثير أزمة دولية بين عشرات الدول»، كما حدث خلال الأيام الماضية على خلفية اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي، والذي تقول التحقيقات في دبي والإنتربول إن قتلته حملوا جوازات سفر مزورة لبريطانيا وأيرلندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا، مما فتح باب الاتهامات بين هذه الدول وإسرائيل التي يعتقد أنها وراء الاغتيال. وتعاملت تلك الدول مع تزوير جواز سفرها على أنه «انتهاك وتعد على رمز من رموز سيادتها».
ويعرف قاموس «أميركان هيرتدج» (تراث أميركي) «باسبورت» (جواز سفر) بأنه «وثيقة رسمية تصدرها حكومة دولة إلى واحد من مواطنيها تحدد هويته، وتسمح له بالسفر إلى دولة أخرى، وتطلب من حكومة تلك الدولة السماح له بدخولها، وحماية حقوقه القانونية». وحسب القاموس، فإنه في القرن الخامس عشر، كانت كلمة «باس» (مرور) هي الأصل. لكن، حسب تفسير لقسم الجوازات في كندا، في خلفية تاريخية عن الموضوع، أرسل الإمبراطور الفرنسي لويس الرابع عشر خطابات مع مندوبيه في سفن خاصة إلى أباطرة مجاورين يطلب منهم حماية مندوبيه، وكانت الخطابات تسمى «باس بورت» (للعبور من ميناء إلى آخر)، ومن هنا جاءت كلمة «باسبورت».
غير أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قالت إن أصل الكلمة لا صلة له بموانئ وببحار وبسفن، لكنه من كلمة «بورت» (بوابة)، عندما كانت المدن الأوروبية محاطة بأسوار، ويدخل الناس ويخرجون منها عن طريق بوابات معينة. وكتب فرانك دانيال، مؤلف كتاب «يهود الإسلام الأول»، أن خلفاء المسلمين كانوا يعطون المسافرين إلى ممالك مجاورة نوعا من أنواع جواز السفر، اسمه «براءة». وفي منتصف القرن التاسع عشر، مع اختراع القطار، وربط دول أوروبية بخطوط حديدية سهلت السفر، زادت الحاجة إلى وثائق تثبت هويات المسافرين بين الإمبراطوريات والممالك. في الوقت نفسه، وخلال المائة سنة من حروب نابليون إلى الحرب العالمية الأولى، زادت أعداد المهاجرين والهاربين من الحروب والجواسيس. وكانت الإمبراطوريتان التركية والروسية الأكثر حرصا على معرفة هوايات الداخلين والخارجين. ومع بداية القرن العشرين، واختراع الكاميرا، بدأت بعض الدول تشترط وضع صورة على وثائق هؤلاء المسافرين.
لكن يبدو أن نظام الجوازات ووثائق السفر لم يكن مستعدا للحرب العالمية الأولى التي قتلت عددا قياسيا لم يقتل في أي حرب من الحروب في التاريخ، وكانت سبب هروب ولجوء عشرات الملايين من الناس. ففي سنة 1920، حسب كتاب «مهاجرو أوروبا المرفوضون»، اشتكى مثقفون بريطانيون من عدم وجود جوازات ووثائق سفر لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، ووصف واحد ما حدث بأنه «احتقار إنساني لا يوصف» على أساس أن قطعة ورق يمكن أن تحدد ما إذا كنت ستنجو أم لا من الموت. في تلك السنة نفسها (1920)، قررت عصبة الأمم وضع نظام وقوانين للجوازات ووثائق السفر. وفي مؤتمر في باريس، وضعت أولى مواصفات جواز السفر الحديث: الحجم: (15 - 10 سنتيمتر)، عدد الصفحات: (23). صفحات المعلومات: (أربع)، اللغات: (لغة البلد والفرنسية)، الغلاف: (اسم البلد، شعار البلد، عبارة «جواز سفر»). لكن وبينما كانت الجوازات في البداية تكتب بالفرنسية، ثم بلغة البلد الذي تتبع له، فإنه وفي وقت لاحق، وتحت إشراف منظمة الطيران المدني العالمية (إيكاو)، تقرر أن تكون اللغة الأولى هي لغة البلد الذي يتبع له الجواز، ثم اللغة الفرنسية أو الإنجليزية. اليوم، في دول الاتحاد الأوروبي، جوازات بعض الدول بلغتها فقط، وجوازات دول أخرى بلغتها بالإضافة إلى الفرنسية أو البريطانية. وجوازات نيوزيلندا بالإنجليزية وبلغة الماوري (أهل البلاد الأصليين). وجوازات سويسرا بالإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والرومانشية (نوع من اللاتينية).
غير أن مواطن الاتحاد الأوروبي الذي يسافر من دولة إلى أخرى داخل الاتحاد لا يحتاج إلى جواز سفر. لأن كل مواطن في أي من هذه الدول مواطن في الاتحاد. وفي أعلى غلاف كل جواز سفر، رغم اختلاف الدول، إشارة إلى الاتحاد الأوروبي. وهناك اعتبار خاص لحاملي جوازات دول أوروبية ليست عضوا في الاتحاد، مثل: النرويج وأيسلندا وسويسرا.
ولجوازات السفر أنواع: عادي، دبلوماسي، طوارئ (بدل فاقد)، جماعي (إلى مكان معين، مرة واحدة)، عائلي (كل أفراد العائلة في جواز واحد). وهناك «جواز سفر نانسين»، إشارة إلى غريتيوف نانسين، وهو دبلوماسي نرويجي نال جائزة نوبل للسلام سنة 1938 لأنه نظم حملة عالمية، خلال سنوات عصبة الأمم، لمنح ملايين اللاجئين والمهاجرين أوراق سفر للانتقال من دول إلى أخرى خلال السنوات بين الحربين العالميتين: الأولى والثانية.
وكانت الدول الأوروبية، بقيادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا، منعت ملايين من سكان جنوب وشرق أوروبا من الهجرة إليها، واضطرت أعداد كبيرة منها لأن تعيش شهورا، بل سنوات، على نقاط حدود، أو في موانئ بحرية، في انتظار دخول هذه الدولة أو تلك.
وفي الوقت الحاضر، بدلا من «جواز نانسين» أيام عصبة الأمم، تقدم الأمم المتحدة «وثيقة سفر» يحملها اللاجئ، أو طالب اللجوء، أو شخص وجد نفسه، لسبب أو آخر، دون وطن ودون جواز. وتوجد ثلاثة أنواع من هذه الوثائق:
أولا: شهادة هوية، تسمى «جواز الأجنبي»، لكنها ليست جوازا.
ثانيا: ورقة سفر، من الدولة التي لجأ إليها الشخص ليقدر على أن يسافر إلى دولة ثالثة ثم يعود إلى الدولة الثانية.
ثالثا: «لاسيزباسر» (كلمة فرنسية معناها: اسمحوا له بالمرور)، ليست جواز سفر لكنها مثله، فقط للسفر في اتجاه واحد.
ومن الواضح أن كثيرا من هذه «الجوازات» ليست جوازات حقيقية، ولا تحمي صاحبها قانونيا، وتقبلها دول وترفضها دول أخرى. لكنها تستعمل وقت الأزمات، ووقت الحروب، ولنقل مجموعة من الناس من بلد إلى آخر. ويوجد في الصين وروسيا «إنتيرنال باسبورت» (جواز سفر داخلي)، ويستعمل لمنع سكان الجمهوريات والمقاطعات من الانتقال من واحدة إلى أخرى دون إذن من حكوماتها. تعود جذوره إلى الأباطرة الصينيين والروس، لكن، في الوقت الحاضر، يستعمل لتنظيم أو منع تنقل الأقليات (خاصة الفقيرة) إلى المدن الكبيرة. مثل الذي يمنح لشعوب الشيشان والداغستان في روسيا، ولشعوب سيكينانغ في الصين. وفي عصر الإنترنت ظهر جواز سفر «فانتاسي باسبورت» وهو جواز سفر خيالي تبيعه شركات، وهو باسم دولة غير موجودة، أو دولة كانت موجودة واختفت (مثل أسبرطة في اليونان القديمة)، ويحمل شعارات خيالية، لكنه منظم ومرتب مثل الجواز العادي. وهو ليس ضد القانون، لكن، طبعا، لا توجد دولة تقبله. وإذا استعمله شخص لدخول دولة، يعتقل، ويعتبر أنه يحمل جواز سفر مزورا. وهناك «كونك باسبورت» الذي تستعمله جماعات أو ولايات أو مقاطعات متمردة. ويعود الاسم إلى «جمهورية كونك» التي أعلنها، في سنة 1982، سكان مدينة كي ويست (ولاية فلوريدا)، وهي مدينة سياحية (أقصى نقطة إلى الجنوب في الولايات المتحدة، في مواجهة كوبا). في ذلك الوقت، اشتكى سكان المدينة من الحكومة الفيدرالية ومن حكومة ولاية فلوريدا، وقالوا إنهما تعرقلان مرور السياح إليها. وأعلنوا استقلالهم، واختاروا شعار «كونك» (صدفة عملاقة تكثر في البحر الكاريبي). وعين العمدة دينيس واردرو نفسه رئيسا للوزراء. وطلب مليار دولار من الحكومة الأميركية. وشكل «قوات مارينز» رمزية لحماية «جمهورية كونك». وأصدر جوازا صار سلعة سياحية أكثر منه بطاقة للسفر. ويوم 23 أبريل من كل سنة، تحتفل المدينة بعيد «استقلالها»، ويشتري السياح جواز السفر، وهو أنيق وعليه صورة وأختام، وكأنه جواز حقيقي. بل صارت المدينة مكانا لبيع جوازات «ثقافية»، مثل «جواز دولة العقل المستقل» (نكاية في الدول التي ليست فيها حريات)، و«جواز دولة الأخلاق» (نكاية في الدول التي لا تلتزم حكوماتها بمكارم الأخلاق). ومن العصور القديمة والوسطى وحتى الآن، فإن جواز السفر ما زال موضوعا للنقاش والتعديلات. فقد تحدثت هيئة الـ«بي بي سي» عن هذا الموضوع في سنة 2008 عندما ناقش البرلمان البريطاني إصدار بطاقة إثبات شخصية للمهاجرين «لأول مرة في تاريخ بريطانيا الحديثة». وبينما عارضه نواب، وقالوا إنه يفرق ضد المهاجرين، أيده آخرون وقالوا إن ملوك بريطانيا القدماء كانوا يعطون «ضيوفهم» ما سموه «خطابات أمان». لكن، اتفق الجانبان على وضع طابعة في جواز سفر الأجنبي الذي دخل البلاد بطريقة قانونية للسماح له بالعمل، ولمنع عمل غير القانوني.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تطور شكل الجواز، خاصة لمواجهة الإرهاب والإرهابيين. وظهر جواز «بايومتريك» الإلكتروني. وأيضا يسمى «إي باسبورت» (مثل إي ميل). وتوجد في داخله شريحة إلكترونية فيها معلومات عن صاحب الجواز. وبسبب تعقيدات قانونية دولية، صارت منظمة الطيران المدني العالمية (إيكاو) هي التي تشرف على الجوازات الجديدة بهدف تنسيقها بين الدول وقبولها هنا وهناك، وتوحيد الأجهزة الإلكترونية التي تقرأها، أو تضيف إليها. وتوجد داخل الأنواع المتطورة من «آي باسبورت» صورة وبصمات ومقاسات للعين أو ملامح الوجه. وتقدر أنواع متطورة على نقل المعلومات لاسلكيا إلى رئاسة الجوازات أو وزارات الأمن أو الداخلية.
غير أن الأميركيين وصلوا إلى الجيل الثالث من الجوازات: «باسبورت كارد (بطاقة إلكترونية، مثل بطاقة أميركان إكسبريس أو بطاقة فيزا)، وفي داخلها أطنان من المعلومات. وتقدر بعض هذه البطاقات على الاتصال لاسلكيا مع وزارة الأمن. لكنها ممنوعة من الاتصال مع بعضها البعض، ومن عرض المعلومات التي في داخلها على من ليس صاحبها، ومن تغيير هذه المعلومات. كما أن «باسبورت كارد» يقدر على تخزين تأشيرات الخروج والدخول، وملاحظات رجال الجمارك والجوازات ووزارات الأمن.
لكن تواجه هذا الجواز الأميركي المتطور بعض المشكلات، منها:
أولا.. أنه «متطور أكثر مما يجب» ولا يمكن استعماله في الدول الأخرى لأنها لا تملك أجهزة لقراءة المعلومات التي فيها، ولا تقدر على إضافة تأشيرة دخول أو خروج أو أي معلومات أخرى.
ثانيا.. «يهدد حرية المواطن الأميركي»، كما قال اتحاد الحقوق المدنية الأميركية (إيه سي إل يو)، الذي يقود حملة، ليست فقط ضد هذا الجواز الإلكتروني، ولكن، أيضا، ضد رخصة قيادة السيارات الإلكترونية. هذه، أيضا، لم يبدأ استعمالها في الولايات المتحدة (رغم أنها جاهزة)، وذلك بسبب تعقيدات قانونية لها صلة بحرية المواطن الأميركي، والخوف من تعدي الحكومة على هذه الحرية.
ولا تذكر جوازات السفر إلا ويذكر تزويرها لدخول بلد بطريقة غير قانونية للتعليم، أو الإقامة، أو ارتكاب جرائم مثل تجارة المخدرات وعمليات إرهابية.
وفي سنة 2007، أرسل تلفزيون «إن بي سي» صحافيين ومصوري كاميرا ومهندسي صوت في جولة حول العالم لتسجيل تزوير الجوازات. وبإذن من وزارة الأمن، ومن «إنتربول» (الشرطة الدولية) اشترى مراسل التلفزيون جوازات سفر مزورة، واستعملوها في مطارات أميركية وغير أميركية. ولم تكن المفاجأة شبكات تزوير الجوازات، لكن، كانت هناك مفاجئتان غيرها: أولا.. صلة هذه الشبكات بمسؤولين في جوازات دول كثيرة. ثانيا.. صعوبة اكتشاف كثير من الجوازات المزورة.
للسبب الثاني، طبعا، ليس سهلا معرفة الجوازات المزورة التي لا تكتشف، لكن عدد التي تكتشف كبير، وفي ارتفاع مستمر، رغم زيادة الإجراءات الأمنية، وتقدم التكنولوجيا.
وفي سنة 2005، كتبت مجلة «تايم»: «كلما ساعدتنا التكنولوجيا على اكتشاف الذين يريدون دخول بلدنا بطرق غير قانونية، ساعدت التكنولوجيا هؤلاء على خداعنا». وأضافت «كلما تساعدنا التكنولوجيا على زيادة نشر حضارتنا وثقافتنا حول العالم، تساعد على زيادة انبهار الأجانب بنا، وتساعد هؤلاء الأجانب على دخول بلدنا بطرق غير قانونية».
وفي سنة 2005 نفسها، اكتشفت وزارة الأمن الأميركية عشرين ألف جواز سفر مزور في المطارات والموانئ الأميركية، وبعد سنتين ارتفع الرقم إلى ثلاثين ألفا.
وقال مسؤول في وزارة الأمن الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعرف عدد الجوازات المزورة التي لم نكتشفها. لكن، إذا زاد عدد التي اكتشفناها، نتوقع زيادة عدد التي لم نكتشفها».
وأشار المسؤول إلى أن عددا من الإرهابيين الذين دخلوا الولايات المتحدة استعملوا جوازات سفر مزورة. (مثل رمزي يوسف، باكستاني عربي، استعمل جواز سفر عراقيا مزورا، وخطط لهجوم سنة 1993 على مركز التجارة العالمي في نيويورك. وهو الآن مسجون مدى الحياة في سجن أميركي).
وقال مايكل إيفيريت، في قسم اكتشاف الجوازات المزورة، لتلفزيون «إن بي سي» إن هناك حيلا كثيرة:
أولا.. عدم تغيير الصورة على جواز السفر المسروق بسبب الشبه الكبير بينها وبين صورة الذي يزورها.
ثانيا.. تزوير ختم إثبات صحة الجواز.
ثالثا.. شراء جوازات حقيقية من مسؤولين فاسدين، وملؤها.
رابعا.. إصدار جوازات حقيقية وقانونية، لكن لشخص زور هويته.
خامسا.. استعمال دول أخرى وبعيدة لعدم إثارة شبهات (مثل اعتقال العراقية نيرين زايعة وزوجها الأردني ثاير عسيفي اللذين حصلا على جوازات سفر أوروبية مزورة من عصابة لتجارة المخدرات في ليما عاصمة بيرو).
ويبدو أن ليما من عواصم تزوير الجوازات في العالم، وفيها صور تلفزيون «إن بي سي» مناظر تزوير جوازات سفر ورخص قيادة سيارة وبطاقات هوية شخصية في متاجر قريبة من وزارة العدل. وصور شبابا يعرضون للبيع جوازات سفر من دول مثل: بريطانيا وسويسرا والسويد وإسبانيا وإيطاليا (غير جوازات سفر دول أميركا اللاتينية المجاورة).
وعندما عرض شاب جواز سفر بريطانيا مسروقا مقابل مائة دولار، اشترى مراسل التلفزيون الجواز. ووجد أن عليه اسم وصورة أليسون شيلي، طبيبة بريطانية. اتصل بها، وقالت إنها كانت في زيارة سياحية إلى بيرو، وسرق شخص حقيبة يدها وفيها الجواز.
وعندما طلب مراسل التلفزيون من رجل اسمه «جورجي»، يعمل في سوق الجوازات السوداء، جواز سفر سويديا وعليه صورته، طلب خمسمائة دولار (منها مائة دولار مقدما). وبعد يوم، أحضره. ومما قال «عملت لعشرين سنة في قسم الجوازات في حكومة بيرو. اعرف كثيرا عن هذه الأمور». ومن أين يحصل على جوازات من إسبانيا وسويسرا وبريطانيا مثلا؟ قال جورجي «من ناس يعملون في سفارات هذه الدول هنا في ليما». وماذا عن الجوازات الإلكترونية الجديدة؟ قال «الذين يبيعون لنا جوازات سفر، يقدرون على إدخال أسماء في الكمبيوتر». ويوضح «جورجي» أن كثيرا من زبائنه يريدون دخول الولايات المتحدة، للعمل أو للتجارة في المخدرات أو لارتكاب جرائم. لكنه قال «أنا لا أسألك لماذا تريد دخول الولايات المتحدة. أنا أسألك كم ستدفع لي».
المصدر: واشنطن: محمد علي صالح
ويعرف قاموس «أميركان هيرتدج» (تراث أميركي) «باسبورت» (جواز سفر) بأنه «وثيقة رسمية تصدرها حكومة دولة إلى واحد من مواطنيها تحدد هويته، وتسمح له بالسفر إلى دولة أخرى، وتطلب من حكومة تلك الدولة السماح له بدخولها، وحماية حقوقه القانونية». وحسب القاموس، فإنه في القرن الخامس عشر، كانت كلمة «باس» (مرور) هي الأصل. لكن، حسب تفسير لقسم الجوازات في كندا، في خلفية تاريخية عن الموضوع، أرسل الإمبراطور الفرنسي لويس الرابع عشر خطابات مع مندوبيه في سفن خاصة إلى أباطرة مجاورين يطلب منهم حماية مندوبيه، وكانت الخطابات تسمى «باس بورت» (للعبور من ميناء إلى آخر)، ومن هنا جاءت كلمة «باسبورت».
غير أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» قالت إن أصل الكلمة لا صلة له بموانئ وببحار وبسفن، لكنه من كلمة «بورت» (بوابة)، عندما كانت المدن الأوروبية محاطة بأسوار، ويدخل الناس ويخرجون منها عن طريق بوابات معينة. وكتب فرانك دانيال، مؤلف كتاب «يهود الإسلام الأول»، أن خلفاء المسلمين كانوا يعطون المسافرين إلى ممالك مجاورة نوعا من أنواع جواز السفر، اسمه «براءة». وفي منتصف القرن التاسع عشر، مع اختراع القطار، وربط دول أوروبية بخطوط حديدية سهلت السفر، زادت الحاجة إلى وثائق تثبت هويات المسافرين بين الإمبراطوريات والممالك. في الوقت نفسه، وخلال المائة سنة من حروب نابليون إلى الحرب العالمية الأولى، زادت أعداد المهاجرين والهاربين من الحروب والجواسيس. وكانت الإمبراطوريتان التركية والروسية الأكثر حرصا على معرفة هوايات الداخلين والخارجين. ومع بداية القرن العشرين، واختراع الكاميرا، بدأت بعض الدول تشترط وضع صورة على وثائق هؤلاء المسافرين.
لكن يبدو أن نظام الجوازات ووثائق السفر لم يكن مستعدا للحرب العالمية الأولى التي قتلت عددا قياسيا لم يقتل في أي حرب من الحروب في التاريخ، وكانت سبب هروب ولجوء عشرات الملايين من الناس. ففي سنة 1920، حسب كتاب «مهاجرو أوروبا المرفوضون»، اشتكى مثقفون بريطانيون من عدم وجود جوازات ووثائق سفر لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية، ووصف واحد ما حدث بأنه «احتقار إنساني لا يوصف» على أساس أن قطعة ورق يمكن أن تحدد ما إذا كنت ستنجو أم لا من الموت. في تلك السنة نفسها (1920)، قررت عصبة الأمم وضع نظام وقوانين للجوازات ووثائق السفر. وفي مؤتمر في باريس، وضعت أولى مواصفات جواز السفر الحديث: الحجم: (15 - 10 سنتيمتر)، عدد الصفحات: (23). صفحات المعلومات: (أربع)، اللغات: (لغة البلد والفرنسية)، الغلاف: (اسم البلد، شعار البلد، عبارة «جواز سفر»). لكن وبينما كانت الجوازات في البداية تكتب بالفرنسية، ثم بلغة البلد الذي تتبع له، فإنه وفي وقت لاحق، وتحت إشراف منظمة الطيران المدني العالمية (إيكاو)، تقرر أن تكون اللغة الأولى هي لغة البلد الذي يتبع له الجواز، ثم اللغة الفرنسية أو الإنجليزية. اليوم، في دول الاتحاد الأوروبي، جوازات بعض الدول بلغتها فقط، وجوازات دول أخرى بلغتها بالإضافة إلى الفرنسية أو البريطانية. وجوازات نيوزيلندا بالإنجليزية وبلغة الماوري (أهل البلاد الأصليين). وجوازات سويسرا بالإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والرومانشية (نوع من اللاتينية).
غير أن مواطن الاتحاد الأوروبي الذي يسافر من دولة إلى أخرى داخل الاتحاد لا يحتاج إلى جواز سفر. لأن كل مواطن في أي من هذه الدول مواطن في الاتحاد. وفي أعلى غلاف كل جواز سفر، رغم اختلاف الدول، إشارة إلى الاتحاد الأوروبي. وهناك اعتبار خاص لحاملي جوازات دول أوروبية ليست عضوا في الاتحاد، مثل: النرويج وأيسلندا وسويسرا.
ولجوازات السفر أنواع: عادي، دبلوماسي، طوارئ (بدل فاقد)، جماعي (إلى مكان معين، مرة واحدة)، عائلي (كل أفراد العائلة في جواز واحد). وهناك «جواز سفر نانسين»، إشارة إلى غريتيوف نانسين، وهو دبلوماسي نرويجي نال جائزة نوبل للسلام سنة 1938 لأنه نظم حملة عالمية، خلال سنوات عصبة الأمم، لمنح ملايين اللاجئين والمهاجرين أوراق سفر للانتقال من دول إلى أخرى خلال السنوات بين الحربين العالميتين: الأولى والثانية.
وكانت الدول الأوروبية، بقيادة بريطانيا وألمانيا وفرنسا، منعت ملايين من سكان جنوب وشرق أوروبا من الهجرة إليها، واضطرت أعداد كبيرة منها لأن تعيش شهورا، بل سنوات، على نقاط حدود، أو في موانئ بحرية، في انتظار دخول هذه الدولة أو تلك.
وفي الوقت الحاضر، بدلا من «جواز نانسين» أيام عصبة الأمم، تقدم الأمم المتحدة «وثيقة سفر» يحملها اللاجئ، أو طالب اللجوء، أو شخص وجد نفسه، لسبب أو آخر، دون وطن ودون جواز. وتوجد ثلاثة أنواع من هذه الوثائق:
أولا: شهادة هوية، تسمى «جواز الأجنبي»، لكنها ليست جوازا.
ثانيا: ورقة سفر، من الدولة التي لجأ إليها الشخص ليقدر على أن يسافر إلى دولة ثالثة ثم يعود إلى الدولة الثانية.
ثالثا: «لاسيزباسر» (كلمة فرنسية معناها: اسمحوا له بالمرور)، ليست جواز سفر لكنها مثله، فقط للسفر في اتجاه واحد.
ومن الواضح أن كثيرا من هذه «الجوازات» ليست جوازات حقيقية، ولا تحمي صاحبها قانونيا، وتقبلها دول وترفضها دول أخرى. لكنها تستعمل وقت الأزمات، ووقت الحروب، ولنقل مجموعة من الناس من بلد إلى آخر. ويوجد في الصين وروسيا «إنتيرنال باسبورت» (جواز سفر داخلي)، ويستعمل لمنع سكان الجمهوريات والمقاطعات من الانتقال من واحدة إلى أخرى دون إذن من حكوماتها. تعود جذوره إلى الأباطرة الصينيين والروس، لكن، في الوقت الحاضر، يستعمل لتنظيم أو منع تنقل الأقليات (خاصة الفقيرة) إلى المدن الكبيرة. مثل الذي يمنح لشعوب الشيشان والداغستان في روسيا، ولشعوب سيكينانغ في الصين. وفي عصر الإنترنت ظهر جواز سفر «فانتاسي باسبورت» وهو جواز سفر خيالي تبيعه شركات، وهو باسم دولة غير موجودة، أو دولة كانت موجودة واختفت (مثل أسبرطة في اليونان القديمة)، ويحمل شعارات خيالية، لكنه منظم ومرتب مثل الجواز العادي. وهو ليس ضد القانون، لكن، طبعا، لا توجد دولة تقبله. وإذا استعمله شخص لدخول دولة، يعتقل، ويعتبر أنه يحمل جواز سفر مزورا. وهناك «كونك باسبورت» الذي تستعمله جماعات أو ولايات أو مقاطعات متمردة. ويعود الاسم إلى «جمهورية كونك» التي أعلنها، في سنة 1982، سكان مدينة كي ويست (ولاية فلوريدا)، وهي مدينة سياحية (أقصى نقطة إلى الجنوب في الولايات المتحدة، في مواجهة كوبا). في ذلك الوقت، اشتكى سكان المدينة من الحكومة الفيدرالية ومن حكومة ولاية فلوريدا، وقالوا إنهما تعرقلان مرور السياح إليها. وأعلنوا استقلالهم، واختاروا شعار «كونك» (صدفة عملاقة تكثر في البحر الكاريبي). وعين العمدة دينيس واردرو نفسه رئيسا للوزراء. وطلب مليار دولار من الحكومة الأميركية. وشكل «قوات مارينز» رمزية لحماية «جمهورية كونك». وأصدر جوازا صار سلعة سياحية أكثر منه بطاقة للسفر. ويوم 23 أبريل من كل سنة، تحتفل المدينة بعيد «استقلالها»، ويشتري السياح جواز السفر، وهو أنيق وعليه صورة وأختام، وكأنه جواز حقيقي. بل صارت المدينة مكانا لبيع جوازات «ثقافية»، مثل «جواز دولة العقل المستقل» (نكاية في الدول التي ليست فيها حريات)، و«جواز دولة الأخلاق» (نكاية في الدول التي لا تلتزم حكوماتها بمكارم الأخلاق). ومن العصور القديمة والوسطى وحتى الآن، فإن جواز السفر ما زال موضوعا للنقاش والتعديلات. فقد تحدثت هيئة الـ«بي بي سي» عن هذا الموضوع في سنة 2008 عندما ناقش البرلمان البريطاني إصدار بطاقة إثبات شخصية للمهاجرين «لأول مرة في تاريخ بريطانيا الحديثة». وبينما عارضه نواب، وقالوا إنه يفرق ضد المهاجرين، أيده آخرون وقالوا إن ملوك بريطانيا القدماء كانوا يعطون «ضيوفهم» ما سموه «خطابات أمان». لكن، اتفق الجانبان على وضع طابعة في جواز سفر الأجنبي الذي دخل البلاد بطريقة قانونية للسماح له بالعمل، ولمنع عمل غير القانوني.
وخلال السنوات القليلة الماضية، تطور شكل الجواز، خاصة لمواجهة الإرهاب والإرهابيين. وظهر جواز «بايومتريك» الإلكتروني. وأيضا يسمى «إي باسبورت» (مثل إي ميل). وتوجد في داخله شريحة إلكترونية فيها معلومات عن صاحب الجواز. وبسبب تعقيدات قانونية دولية، صارت منظمة الطيران المدني العالمية (إيكاو) هي التي تشرف على الجوازات الجديدة بهدف تنسيقها بين الدول وقبولها هنا وهناك، وتوحيد الأجهزة الإلكترونية التي تقرأها، أو تضيف إليها. وتوجد داخل الأنواع المتطورة من «آي باسبورت» صورة وبصمات ومقاسات للعين أو ملامح الوجه. وتقدر أنواع متطورة على نقل المعلومات لاسلكيا إلى رئاسة الجوازات أو وزارات الأمن أو الداخلية.
غير أن الأميركيين وصلوا إلى الجيل الثالث من الجوازات: «باسبورت كارد (بطاقة إلكترونية، مثل بطاقة أميركان إكسبريس أو بطاقة فيزا)، وفي داخلها أطنان من المعلومات. وتقدر بعض هذه البطاقات على الاتصال لاسلكيا مع وزارة الأمن. لكنها ممنوعة من الاتصال مع بعضها البعض، ومن عرض المعلومات التي في داخلها على من ليس صاحبها، ومن تغيير هذه المعلومات. كما أن «باسبورت كارد» يقدر على تخزين تأشيرات الخروج والدخول، وملاحظات رجال الجمارك والجوازات ووزارات الأمن.
لكن تواجه هذا الجواز الأميركي المتطور بعض المشكلات، منها:
أولا.. أنه «متطور أكثر مما يجب» ولا يمكن استعماله في الدول الأخرى لأنها لا تملك أجهزة لقراءة المعلومات التي فيها، ولا تقدر على إضافة تأشيرة دخول أو خروج أو أي معلومات أخرى.
ثانيا.. «يهدد حرية المواطن الأميركي»، كما قال اتحاد الحقوق المدنية الأميركية (إيه سي إل يو)، الذي يقود حملة، ليست فقط ضد هذا الجواز الإلكتروني، ولكن، أيضا، ضد رخصة قيادة السيارات الإلكترونية. هذه، أيضا، لم يبدأ استعمالها في الولايات المتحدة (رغم أنها جاهزة)، وذلك بسبب تعقيدات قانونية لها صلة بحرية المواطن الأميركي، والخوف من تعدي الحكومة على هذه الحرية.
ولا تذكر جوازات السفر إلا ويذكر تزويرها لدخول بلد بطريقة غير قانونية للتعليم، أو الإقامة، أو ارتكاب جرائم مثل تجارة المخدرات وعمليات إرهابية.
وفي سنة 2007، أرسل تلفزيون «إن بي سي» صحافيين ومصوري كاميرا ومهندسي صوت في جولة حول العالم لتسجيل تزوير الجوازات. وبإذن من وزارة الأمن، ومن «إنتربول» (الشرطة الدولية) اشترى مراسل التلفزيون جوازات سفر مزورة، واستعملوها في مطارات أميركية وغير أميركية. ولم تكن المفاجأة شبكات تزوير الجوازات، لكن، كانت هناك مفاجئتان غيرها: أولا.. صلة هذه الشبكات بمسؤولين في جوازات دول كثيرة. ثانيا.. صعوبة اكتشاف كثير من الجوازات المزورة.
للسبب الثاني، طبعا، ليس سهلا معرفة الجوازات المزورة التي لا تكتشف، لكن عدد التي تكتشف كبير، وفي ارتفاع مستمر، رغم زيادة الإجراءات الأمنية، وتقدم التكنولوجيا.
وفي سنة 2005، كتبت مجلة «تايم»: «كلما ساعدتنا التكنولوجيا على اكتشاف الذين يريدون دخول بلدنا بطرق غير قانونية، ساعدت التكنولوجيا هؤلاء على خداعنا». وأضافت «كلما تساعدنا التكنولوجيا على زيادة نشر حضارتنا وثقافتنا حول العالم، تساعد على زيادة انبهار الأجانب بنا، وتساعد هؤلاء الأجانب على دخول بلدنا بطرق غير قانونية».
وفي سنة 2005 نفسها، اكتشفت وزارة الأمن الأميركية عشرين ألف جواز سفر مزور في المطارات والموانئ الأميركية، وبعد سنتين ارتفع الرقم إلى ثلاثين ألفا.
وقال مسؤول في وزارة الأمن الأميركي لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعرف عدد الجوازات المزورة التي لم نكتشفها. لكن، إذا زاد عدد التي اكتشفناها، نتوقع زيادة عدد التي لم نكتشفها».
وأشار المسؤول إلى أن عددا من الإرهابيين الذين دخلوا الولايات المتحدة استعملوا جوازات سفر مزورة. (مثل رمزي يوسف، باكستاني عربي، استعمل جواز سفر عراقيا مزورا، وخطط لهجوم سنة 1993 على مركز التجارة العالمي في نيويورك. وهو الآن مسجون مدى الحياة في سجن أميركي).
وقال مايكل إيفيريت، في قسم اكتشاف الجوازات المزورة، لتلفزيون «إن بي سي» إن هناك حيلا كثيرة:
أولا.. عدم تغيير الصورة على جواز السفر المسروق بسبب الشبه الكبير بينها وبين صورة الذي يزورها.
ثانيا.. تزوير ختم إثبات صحة الجواز.
ثالثا.. شراء جوازات حقيقية من مسؤولين فاسدين، وملؤها.
رابعا.. إصدار جوازات حقيقية وقانونية، لكن لشخص زور هويته.
خامسا.. استعمال دول أخرى وبعيدة لعدم إثارة شبهات (مثل اعتقال العراقية نيرين زايعة وزوجها الأردني ثاير عسيفي اللذين حصلا على جوازات سفر أوروبية مزورة من عصابة لتجارة المخدرات في ليما عاصمة بيرو).
ويبدو أن ليما من عواصم تزوير الجوازات في العالم، وفيها صور تلفزيون «إن بي سي» مناظر تزوير جوازات سفر ورخص قيادة سيارة وبطاقات هوية شخصية في متاجر قريبة من وزارة العدل. وصور شبابا يعرضون للبيع جوازات سفر من دول مثل: بريطانيا وسويسرا والسويد وإسبانيا وإيطاليا (غير جوازات سفر دول أميركا اللاتينية المجاورة).
وعندما عرض شاب جواز سفر بريطانيا مسروقا مقابل مائة دولار، اشترى مراسل التلفزيون الجواز. ووجد أن عليه اسم وصورة أليسون شيلي، طبيبة بريطانية. اتصل بها، وقالت إنها كانت في زيارة سياحية إلى بيرو، وسرق شخص حقيبة يدها وفيها الجواز.
وعندما طلب مراسل التلفزيون من رجل اسمه «جورجي»، يعمل في سوق الجوازات السوداء، جواز سفر سويديا وعليه صورته، طلب خمسمائة دولار (منها مائة دولار مقدما). وبعد يوم، أحضره. ومما قال «عملت لعشرين سنة في قسم الجوازات في حكومة بيرو. اعرف كثيرا عن هذه الأمور». ومن أين يحصل على جوازات من إسبانيا وسويسرا وبريطانيا مثلا؟ قال جورجي «من ناس يعملون في سفارات هذه الدول هنا في ليما». وماذا عن الجوازات الإلكترونية الجديدة؟ قال «الذين يبيعون لنا جوازات سفر، يقدرون على إدخال أسماء في الكمبيوتر». ويوضح «جورجي» أن كثيرا من زبائنه يريدون دخول الولايات المتحدة، للعمل أو للتجارة في المخدرات أو لارتكاب جرائم. لكنه قال «أنا لا أسألك لماذا تريد دخول الولايات المتحدة. أنا أسألك كم ستدفع لي».
المصدر: واشنطن: محمد علي صالح