من أسوأ ما يمكن أن يواجه الطلاب خاصة في مرحلتي «المتوسطة والثانوية» أن يضعهم حظهم مع (بعض) المعلمين، الذين لا يؤمنون (بلغة الحوار والنقاش) مع طلابهم في موضوعات سواء كانت تتعلق بموضوعات المقررات الدراسية، أو في موضوعات تشغل بالهم في حياتهم وتواجههم، ويرغبون الحديث حولها من أجل الحصول على (إجابات) تهمهم وتطفي عطشهم المعرفي، ربما قد تسهم في تجلية إشكالات بدأت تواجههم، نظرا لتعدد مصادر المعرفة أمامهم، وتعامل هذا الجيل مع وسائط التقنية التي لم تعد تحدها حدود.
وقد تغير عندهم هذه الإجابات من خلال محاورتهم لمعلميهم القناعات الخاطئة، هؤلاء المعلمون الذين لا يرون جدوى الحوار لطلابهم، يرون أن واجبهم ومهمتهم الأصلية، هي إلقاء الدروس والتركيز على الأهداف المعرفية، وعلى طلابهم أن يسمعوا، ويستعدوا لاستظهار ما تعلموه في الاختبارات «وعند الامتحان يُكرم المرء أو يهان»!!
هذا الأسلوب المتبّع من قبل بعض المعلمين، وأقول (بعض المعلمين) -لأن لدينا معلمين مميزين ولديهم مبادرات تربوية ومشروعات مع طلابهم، تقوم على الرعاية والدعم وتحسب لهم ويجب أن يكرموا- سيُوجد لدينا طلابا لا يؤمنون بأهمية الحوار في حياتهم، لأنهم لم يألفوا عليه، ولم يعطوا فرصة لتجريبه، ولم يدّربوا عليه ليصبح جزءا من تركيبتهم الشخصية.
فهم في الغد سيمارسون مع أقرانهم، ومع من يعيشون معهم في البيت والشارع، بنفس الطريقة القمعية التي لم يعرفوا غيرها من معلميهم «وفاقد الشيء لا يعطيه «ولهذا كم هو جميل أن يتعود المعلم أن يستمع كثيرا لطلابه.
وكلما سنحت له الفرصة أن يحوله فصله لما يشبه (المنتدى) فيعطي الفرصة لطلابه أن يعبّروا، يتحدثوا، يطرحوا آراءهم ويقترحوا طرق حل مشكلاتهم، دون أن يواجههم المعلم بالرفض أو بالسخرية من طرحهم، ولو جرب المعلمون محاورة طلابهم، لوجدوا بأن علاقتهم بهم تقوى، واحترامهم عندهم يزيد، وسيكون طلابهم قد وجدوا فيهم من يحاورهم ويناقشهم حول قضايا تشغل بالهم.
أما في حالة افتقاد الطلاب لأجواء الحوار، وشعورهم بأن المدرسة ليس لها إلا وظيفة تعليمية فقط، وكما قال مارون عبود (إننا نعلم كثيرا ونربي قليلا) أو أن معلميهم لا يعطونهم فرصة للحديث أو الاستماع إليهم، فسيجدون في شياطين الأنس، من يستمع لهم ويتيح لهم ساعات وساعات من الحوار والنقاش، ويتركونهم يتحدثون لساعات وساعات ليعبروا عما يريدون، وبالتالي سيعجبهم هذا الجو الذي لم يجده في مدارسهم، أو داخل أسرهم.
وهنا يكمن الخطر على طلابنا وأبنائنا وسط هذا الأجواء، التي ستبدو لهم ممتعة وشيقة، لكنها تحمل لهم المخاطر، لأنهم سيصبحون عجينة لينة يشكّلها هؤلاء الشياطين كيفما شاؤوا، وسيغذونهم بالأفكار السيئة والسلبية، وستقدم لهم المخدرات في صورة تبدو فيها على أنها «المنجي والمخلّص» لهم من همومهم ومشكلاتهم «ومعظم النار من مستصغر الشرر» حينما تكون الشرارة الأولى قد أشعلت، فأحرقت أخلاقياتهم، وأفسدت عليهم مستقبلهم -لا قدر الله –
فلنكن على حذر لنسّلم مجتمعنا من الفتن والعقد، التي لا تخلّف إلا جيلا مصابا بالأمراض النفسية، والعنف والانتحار والقتل، وهي ليست إلا نتاجات طبيعية لأجواء فقدت فيها أساليب التربية الحديثة وغاب فيها «الحوار».
——————–
نقلاً عن صحيفة الجزيرة السعودية
**********************
الكاتب:محمد بن إبراهيم فايع
حملة السكينة
رابط الموضوع : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
وقد تغير عندهم هذه الإجابات من خلال محاورتهم لمعلميهم القناعات الخاطئة، هؤلاء المعلمون الذين لا يرون جدوى الحوار لطلابهم، يرون أن واجبهم ومهمتهم الأصلية، هي إلقاء الدروس والتركيز على الأهداف المعرفية، وعلى طلابهم أن يسمعوا، ويستعدوا لاستظهار ما تعلموه في الاختبارات «وعند الامتحان يُكرم المرء أو يهان»!!
هذا الأسلوب المتبّع من قبل بعض المعلمين، وأقول (بعض المعلمين) -لأن لدينا معلمين مميزين ولديهم مبادرات تربوية ومشروعات مع طلابهم، تقوم على الرعاية والدعم وتحسب لهم ويجب أن يكرموا- سيُوجد لدينا طلابا لا يؤمنون بأهمية الحوار في حياتهم، لأنهم لم يألفوا عليه، ولم يعطوا فرصة لتجريبه، ولم يدّربوا عليه ليصبح جزءا من تركيبتهم الشخصية.
فهم في الغد سيمارسون مع أقرانهم، ومع من يعيشون معهم في البيت والشارع، بنفس الطريقة القمعية التي لم يعرفوا غيرها من معلميهم «وفاقد الشيء لا يعطيه «ولهذا كم هو جميل أن يتعود المعلم أن يستمع كثيرا لطلابه.
وكلما سنحت له الفرصة أن يحوله فصله لما يشبه (المنتدى) فيعطي الفرصة لطلابه أن يعبّروا، يتحدثوا، يطرحوا آراءهم ويقترحوا طرق حل مشكلاتهم، دون أن يواجههم المعلم بالرفض أو بالسخرية من طرحهم، ولو جرب المعلمون محاورة طلابهم، لوجدوا بأن علاقتهم بهم تقوى، واحترامهم عندهم يزيد، وسيكون طلابهم قد وجدوا فيهم من يحاورهم ويناقشهم حول قضايا تشغل بالهم.
أما في حالة افتقاد الطلاب لأجواء الحوار، وشعورهم بأن المدرسة ليس لها إلا وظيفة تعليمية فقط، وكما قال مارون عبود (إننا نعلم كثيرا ونربي قليلا) أو أن معلميهم لا يعطونهم فرصة للحديث أو الاستماع إليهم، فسيجدون في شياطين الأنس، من يستمع لهم ويتيح لهم ساعات وساعات من الحوار والنقاش، ويتركونهم يتحدثون لساعات وساعات ليعبروا عما يريدون، وبالتالي سيعجبهم هذا الجو الذي لم يجده في مدارسهم، أو داخل أسرهم.
وهنا يكمن الخطر على طلابنا وأبنائنا وسط هذا الأجواء، التي ستبدو لهم ممتعة وشيقة، لكنها تحمل لهم المخاطر، لأنهم سيصبحون عجينة لينة يشكّلها هؤلاء الشياطين كيفما شاؤوا، وسيغذونهم بالأفكار السيئة والسلبية، وستقدم لهم المخدرات في صورة تبدو فيها على أنها «المنجي والمخلّص» لهم من همومهم ومشكلاتهم «ومعظم النار من مستصغر الشرر» حينما تكون الشرارة الأولى قد أشعلت، فأحرقت أخلاقياتهم، وأفسدت عليهم مستقبلهم -لا قدر الله –
فلنكن على حذر لنسّلم مجتمعنا من الفتن والعقد، التي لا تخلّف إلا جيلا مصابا بالأمراض النفسية، والعنف والانتحار والقتل، وهي ليست إلا نتاجات طبيعية لأجواء فقدت فيها أساليب التربية الحديثة وغاب فيها «الحوار».
——————–
نقلاً عن صحيفة الجزيرة السعودية
**********************
الكاتب:محمد بن إبراهيم فايع
حملة السكينة
رابط الموضوع : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]