أثار تلويح الدول العربية خلال القمة الأخيرة بمدينة "سرت" الليبية بإمكانية السعي لامتلاك السلاح النووي إذا لم تلتزم إسرائيل بالمعايير الدولية التي تحد من انتشار هذه الأسلحة ، الكثير من التساؤلات حول هذا التلويح ، فرأي الكثير من المراقبين انه يعبر عن رغبة بعض الدول في امتلاكه، فيما قلل البعض الأخر من ذلك مشيرين إلي أن المسألة لا تعدو كونها مجرد وسيلة للضغط علي إسرائيل للتوقيع علي اتفاقية حظر السلاح النووي.
فخلال قمة "سرت" الأخيرة حذرت بعض الدول العربية من الالتجاء لهذا الخيار إذا لم تلزم إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وخضوعها لنظام الضمانات الذي تطبقه الوكالة الدولية للطاقة الذرية والكشف عن حقيقة برنامجها النووي.
وأكد القادة العرب أن الأسلحة النووية والاستمرار في حيازتها وتطويرها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وأن استمرار السياسات الأمنية والدفاعية القائمة على حيازة واستخدام السلاح النووي ضد الدول غير النووية لأغراض الردع، تنتقص من مصداقية نظام منع انتشار الأسلحة النووية ومشروعيته.
ودعوا مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي المقرر عقده في مايو المقبل في نيويورك، إلى مطالبة إسرائيل بتنفيذ ما تم تبنيه في وثيقة مؤتمر المراجعة عام 2000، بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية دون قيد أو شرط وكدولة غير نووية.
ويثار سؤال أساسي ، في حالة عدم توقيع إسرائيل علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وهذا مؤكد لدي الكثير فهل حقا يمكن أن تقوم الدول العربية بإنتاج سلاح نووي ؟ ، وهل يمكن أن نسمع قريبا عن مشروع نووي مشترك نواجه به المشروع الإسرائيلي؟.
ومؤخرا، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان أن هناك تعاونا كبيرا بين مصر والأردن في المجال النووي والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وأوضح أن أوجه التعاون بين مصر والأردن في المجال النووي يشمل كافة المجالات سواء في استغلال المواد النووية وتبادل الخبرات أو في مجالات المفاعل النووي البحثي وبناء المحطات النووية،مشيرا إلى أن هناك اتصالا مستمرا مع مصر في هذا المجال والاستفادة من الخبرات في البلدين.
ودعا طوقان إلى ضرورة أن يكون هناك إستراتيجية نووية عربية مشتركة، معربا عن اعتقاده بأنه من الأفضل ألا تسير أية دولة عربية في هذا المجال منفردة "لأن أية دولة تأخذ خطا معينا في هذا الإطار قد يؤثر على خط الدول الأخرى".
وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية إن الأردن تدعو لأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وبالذات الأسلحة النووية وهذه سياسة يجب أن تطبق على الجميع.
الكل يملك
وبالنظر إلى المشهد الدولي نجد الكثير من الدول التي تمتلك أسلحة نووية أو قدرة على إنتاجها ولا توجد دولة عربية واحدة ، فالولايات المتحدة وكندا لديها قدرات غير مسبوقة ، كذلك بريطانيا وفرنسا ، والقدرات الإيطالية والأسبانية غير المفعلة والقدرات السلمية عند كافة الدول الأوروبية بما في ذلك تركيا ، أما في آسيا فهناك الصين والهند وباكستان وكوريا والطموح الإيراني.
وجنوب أفريقيا امتلكتها أيام التمييز العنصري وتم إبطالها بعد انتهائه لكن القدرات موجودة، أما في أمريكا اللاتينية فالبرازيل والأرجنتين لديها قدرات متقدمة جاهزة للانطلاق في أي لحظة ، إضافة إلي امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية .. فلماذا يغيب العرب عن النووي ؟ .
ويعود الحلم النووي العربي إلى الخمسينيات من القرن الماضي، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام 1955، تبعها العراق ثم الجزائر، والمقصود كان إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل ، وتراجعت الطموحات العربية وتقدم الدور الإيراني، في الوقت الذي تجتاح عدداً غير قليل من الدول العربية موجة نوويّة سلمية
ونقل تقرير نشره موقع " تريند نيوز " عن الخبير الأمريكي بقضايا أسلحة الإبادة الجماعية بروفيسور جامعة كارولينا الشرقية جليل روشانديل قوله :" إن غالبية البلدان العربية تريد امتلاك القدرات النووية وتجسيد رغبتها القديمة التي جرى تأجيلها بسبب الصفقات السياسية والدولية".
وأضاف : " أما الآن فان الدول العربية تقارن نفسها بإيران، التي تفوقت عليها في مجال التكنولوجيات النووية".
وأشار إلى أن تصريحات الجانب العربي تلك تعود للرغبة بتطوير التكنولوجيات النووية لان العرب لا يستبعدون إقامة تعاون نووي بين تركيا وإيران، وعلى حد رأي التقرير فانه ورغم تطابق مواقف الدول العربية وإيران وتركيا بشان جعل المنطقة خالية من السلاح النووي إلا أن المحللين لا يرصدون أفاقا نحو إقامة اتحاد نووي ثلاثي (عربي/إيراني/تركي).
ونقل التقرير بهذا الصدد عن البروفيسور رايموند تنتير الذي خدم سابقا في مجلس الأمن القومي الأمريكي إشارته لعدم وجود أفاق لمثل هذا التطور، لان العرب يشعرون بالقلق من القدرات النووية الإيرانية أكثر من شعورهم من القدرات النووي التي لدى دول أخرى بالمنطقة.
ويرى المحللون أن إيران أيضا ستدعم المبادرة العربية بتطوير قدراتها وإنتاج أسلحة نووية في المنطقة التي جاءت بمثابة رد فعل على امتناع إسرائيل من الانضمام إلى معاهدة الحظر على انتشار الأسلحة النووية.
محاولات علي استحياء
وكانت مصر والعراق أكثر الدول العربية تفكيرا في امتلاك السلاح النووي ، كانت مصر أول من حاول ولوج عالم السلاح النووي حيث تشكلت أول لجنة مصرية للطاقة الذرية عام 1955 ومن ثم أرسلت مصر في العام التالي أول بعثة للتعلم في المجال عام 1956.
وتراجع المشروع النووي المصري بعد نكسة 1967 وذهاب الموارد المالية لبناء الجيش وتجاوز اثار النكسة ، فشهدت فترة السبعينيات تراجعًا مستمرًا في الاهتمام به، خاصة مع توقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل وهجرة معظم علماء الذرة المصريين خارج البلاد، ثم وصل التراجع إلى منتهاه بتصديق مجلس الشعب المصري على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية سنة 1981، رغم عدم تصديق إسرائيل عليها، وهو الخطأ الإستراتيجي الفادح الذي كررته مصر بالتوقيع على اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية في ديسمبر سنة 1996، وهو ما اعتبره إعلان رسمي بالتخلي عن الخيار النووي.
أما العراق فإن مشروعها أجهض بعد الضربة الجوية الإسرائيلية لمفاعل تموز عام 1981 ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، كما أن السعودية قد أعلنت، مؤخراً، رغبتها في تطوير مجمع للطاقة النووية.
وأشارت صحف غربية أكثر من مرة استنادا إلى مصادر استخباراتية إلى أن السعودية تعمل على تطوير قدرات نووية خاصة بها سراً منذ عام 2003 بالتعاون مع خبراء باكستان ، كما أن ذات المصادر أشارت إلى مساهمة السعودية المالية في المشروع النووي الباكستاني مقابل استفادة الأولى من خبرات العلماء الباكستانيين الذي وفد الكثير منهم إلى الرياض للمساهمة في تعليم وفي مساعدة السعودية ، واتهمت هذه المصادر السعودية ببناء مدينة سرية تحت الأرض لهذه الغاية في منطقة السليل جنوب الرياض.
الإمارات أيضا عبرت عن رغبتها في تطوير قدرات نووية لغايات سلمية. قيل إن سورية كان لديها طموح حتى أن القصف الإسرائيلي لسورية عام 2007 قيل إنه استهدف مفاعلاً نووياً في منطقة الكوبر.
مشروع عربي مشترك
وحول إمكانية وجود مشروع نووي عربي ، يؤكد الدكتور عبد الله الأشعل أستاذ في القانون الدولي في الجامعة الأمريكية علي ضرورة إن يكون هناك مشروع عربي مشترك في مواجهة المشروع الإسرائيلي ، مشيرا إلي قدرة العالم العربي ذلك فهو يمتلك العلماء والثروات ولكنه يفتقد الجرأة في مواجهة أمريكا وإسرائيل .
ويقلل الأشعل في الوقت نفسه من أهمية السلاح النووي ، مشيرا إلى مخاوف إسرائيل المستمر من إمكانية زوالها ومن زوال من يساندها هو الذي يجعلها تتمسك بالبرنامج النووي.
ويؤكد أن الصواريخ الآن أصبحت سلاح ردع مما يقلل من أهمية وجود قوات للجيش المصري في سيناء بمقتضى اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين، التي لا تسمح سوى لعدد محدود من القوات المصرية بالانتشار هناك.
ويوضح أن وجود مشروع نووي مشترك حق للعرب حتى أن كان سلميا لأنه يقدم رسالة إلى المجتمع الدولي ليضع حدا لسباق التسليح النووي وإن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي يعطي الأحقية للجميع في امتلاكه.
بدوره ، يقول الدكتور عبد العاطي بدر نائب رئيس هيئة الموارد النووية أن امتلاك العرب لمشروع قومي نووي يساعد في تعميق مفهوم الوحدة العربية المفقودة حتى وان كان في مجال تحلية مياه البحر واستخدامه في أغراض عديدة خاصة أن الكثير من الدول تعاني من نقص المياه والبعض الأخر يعاني من الندرة .
ويستنكر بدر التحركات البطيئة للعالم العربي تجاه ذلك المشروع، ورضوخها للضغوط الصهيوأمريكية في عدم إتمام ذلك المشروع، مشيدا في الوقت ذاته بدولة الإمارات التي أعلنت عن تشغيلها لأول محطة نووية عام 2017 القادم.
ويؤكد علي ضرورة تمسك الدول العربية وفي مقدمتهم مصر بحقها في امتلاك السلاح النووي ، مستشهدا بالمشروع النووي الباكستاني، والنووي الإيراني الذي تحدى كافة الصعوبات وقام باستكمال مشروعه على أكمل وجه، حتى أصبح من العسير على أي جهة إيقافهم حتى لو كان الكيان الصهيوني.
ويستنكر في الوقت نفسه إخضاع المشروع النووي المصري تحت رقابة صارمة رغم عدم تجاوز المراحل الأول للمشروع ، وعدم القدرة علي الحديث عن البرنامج الإسرائيلي .
مصر والهند
وشاركه الرأي الدكتور يسري أبو شادي رئيس قسم الضمانات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وكبير مفتشي الوكالة سابقا ، منتقدا التراجع العربي في الدخول إلي النادي النووي وخاصة مصر ، مشيرا إلى أن مصر والهند بدأتا المشروع النووي في نفس الوقت في الخمسينيات، إلا أن دولة الهند الآن تفوقت وأصبح لديها ما يزيد عن 20 مفاعلاً نوويًّا، في الوقت الذي ما زالت فيه الحكومة المصرية تعد الدراسات الأولى لبرنامجها النووي.
ويؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعرض إسرائيل للخطر وتترك إيران تستكمل برنامجها النووي، مشيرًا إلى أن العقوبات التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على إيران لن تؤثر عليها.
ويشير إلي أن إسرائيل لديها حرية مطلقة ولا يسمح لأي مسئول في مجلس الأمن أو في واشنطن أن يذكر كلمة في حقها ، موضحا أن في المقابل العالم العربي يخشى حتى الحديث عن حقها في التساوي مع إسرائيل.
المصدر: محيط ـ هبة عسكر
فخلال قمة "سرت" الأخيرة حذرت بعض الدول العربية من الالتجاء لهذا الخيار إذا لم تلزم إسرائيل بالانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وخضوعها لنظام الضمانات الذي تطبقه الوكالة الدولية للطاقة الذرية والكشف عن حقيقة برنامجها النووي.
وأكد القادة العرب أن الأسلحة النووية والاستمرار في حيازتها وتطويرها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين، وأن استمرار السياسات الأمنية والدفاعية القائمة على حيازة واستخدام السلاح النووي ضد الدول غير النووية لأغراض الردع، تنتقص من مصداقية نظام منع انتشار الأسلحة النووية ومشروعيته.
ودعوا مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي المقرر عقده في مايو المقبل في نيويورك، إلى مطالبة إسرائيل بتنفيذ ما تم تبنيه في وثيقة مؤتمر المراجعة عام 2000، بالانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية دون قيد أو شرط وكدولة غير نووية.
ويثار سؤال أساسي ، في حالة عدم توقيع إسرائيل علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وهذا مؤكد لدي الكثير فهل حقا يمكن أن تقوم الدول العربية بإنتاج سلاح نووي ؟ ، وهل يمكن أن نسمع قريبا عن مشروع نووي مشترك نواجه به المشروع الإسرائيلي؟.
ومؤخرا، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان أن هناك تعاونا كبيرا بين مصر والأردن في المجال النووي والاستخدام السلمي للطاقة النووية.
وأوضح أن أوجه التعاون بين مصر والأردن في المجال النووي يشمل كافة المجالات سواء في استغلال المواد النووية وتبادل الخبرات أو في مجالات المفاعل النووي البحثي وبناء المحطات النووية،مشيرا إلى أن هناك اتصالا مستمرا مع مصر في هذا المجال والاستفادة من الخبرات في البلدين.
ودعا طوقان إلى ضرورة أن يكون هناك إستراتيجية نووية عربية مشتركة، معربا عن اعتقاده بأنه من الأفضل ألا تسير أية دولة عربية في هذا المجال منفردة "لأن أية دولة تأخذ خطا معينا في هذا الإطار قد يؤثر على خط الدول الأخرى".
وقال رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية إن الأردن تدعو لأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل وبالذات الأسلحة النووية وهذه سياسة يجب أن تطبق على الجميع.
الكل يملك
وبالنظر إلى المشهد الدولي نجد الكثير من الدول التي تمتلك أسلحة نووية أو قدرة على إنتاجها ولا توجد دولة عربية واحدة ، فالولايات المتحدة وكندا لديها قدرات غير مسبوقة ، كذلك بريطانيا وفرنسا ، والقدرات الإيطالية والأسبانية غير المفعلة والقدرات السلمية عند كافة الدول الأوروبية بما في ذلك تركيا ، أما في آسيا فهناك الصين والهند وباكستان وكوريا والطموح الإيراني.
وجنوب أفريقيا امتلكتها أيام التمييز العنصري وتم إبطالها بعد انتهائه لكن القدرات موجودة، أما في أمريكا اللاتينية فالبرازيل والأرجنتين لديها قدرات متقدمة جاهزة للانطلاق في أي لحظة ، إضافة إلي امتلاك إسرائيل للأسلحة النووية .. فلماذا يغيب العرب عن النووي ؟ .
ويعود الحلم النووي العربي إلى الخمسينيات من القرن الماضي، ومصر كانت أول من حاول تحقيق هذا الحلم في العام 1955، تبعها العراق ثم الجزائر، والمقصود كان إحداث التوازن العسكري المطلوب مع إسرائيل ، وتراجعت الطموحات العربية وتقدم الدور الإيراني، في الوقت الذي تجتاح عدداً غير قليل من الدول العربية موجة نوويّة سلمية
ونقل تقرير نشره موقع " تريند نيوز " عن الخبير الأمريكي بقضايا أسلحة الإبادة الجماعية بروفيسور جامعة كارولينا الشرقية جليل روشانديل قوله :" إن غالبية البلدان العربية تريد امتلاك القدرات النووية وتجسيد رغبتها القديمة التي جرى تأجيلها بسبب الصفقات السياسية والدولية".
وأضاف : " أما الآن فان الدول العربية تقارن نفسها بإيران، التي تفوقت عليها في مجال التكنولوجيات النووية".
وأشار إلى أن تصريحات الجانب العربي تلك تعود للرغبة بتطوير التكنولوجيات النووية لان العرب لا يستبعدون إقامة تعاون نووي بين تركيا وإيران، وعلى حد رأي التقرير فانه ورغم تطابق مواقف الدول العربية وإيران وتركيا بشان جعل المنطقة خالية من السلاح النووي إلا أن المحللين لا يرصدون أفاقا نحو إقامة اتحاد نووي ثلاثي (عربي/إيراني/تركي).
ونقل التقرير بهذا الصدد عن البروفيسور رايموند تنتير الذي خدم سابقا في مجلس الأمن القومي الأمريكي إشارته لعدم وجود أفاق لمثل هذا التطور، لان العرب يشعرون بالقلق من القدرات النووية الإيرانية أكثر من شعورهم من القدرات النووي التي لدى دول أخرى بالمنطقة.
ويرى المحللون أن إيران أيضا ستدعم المبادرة العربية بتطوير قدراتها وإنتاج أسلحة نووية في المنطقة التي جاءت بمثابة رد فعل على امتناع إسرائيل من الانضمام إلى معاهدة الحظر على انتشار الأسلحة النووية.
محاولات علي استحياء
وكانت مصر والعراق أكثر الدول العربية تفكيرا في امتلاك السلاح النووي ، كانت مصر أول من حاول ولوج عالم السلاح النووي حيث تشكلت أول لجنة مصرية للطاقة الذرية عام 1955 ومن ثم أرسلت مصر في العام التالي أول بعثة للتعلم في المجال عام 1956.
وتراجع المشروع النووي المصري بعد نكسة 1967 وذهاب الموارد المالية لبناء الجيش وتجاوز اثار النكسة ، فشهدت فترة السبعينيات تراجعًا مستمرًا في الاهتمام به، خاصة مع توقيع اتفاقيات السلام مع إسرائيل وهجرة معظم علماء الذرة المصريين خارج البلاد، ثم وصل التراجع إلى منتهاه بتصديق مجلس الشعب المصري على اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية سنة 1981، رغم عدم تصديق إسرائيل عليها، وهو الخطأ الإستراتيجي الفادح الذي كررته مصر بالتوقيع على اتفاقية الحظر الشامل للتجارب النووية في ديسمبر سنة 1996، وهو ما اعتبره إعلان رسمي بالتخلي عن الخيار النووي.
أما العراق فإن مشروعها أجهض بعد الضربة الجوية الإسرائيلية لمفاعل تموز عام 1981 ومن ثم الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، كما أن السعودية قد أعلنت، مؤخراً، رغبتها في تطوير مجمع للطاقة النووية.
وأشارت صحف غربية أكثر من مرة استنادا إلى مصادر استخباراتية إلى أن السعودية تعمل على تطوير قدرات نووية خاصة بها سراً منذ عام 2003 بالتعاون مع خبراء باكستان ، كما أن ذات المصادر أشارت إلى مساهمة السعودية المالية في المشروع النووي الباكستاني مقابل استفادة الأولى من خبرات العلماء الباكستانيين الذي وفد الكثير منهم إلى الرياض للمساهمة في تعليم وفي مساعدة السعودية ، واتهمت هذه المصادر السعودية ببناء مدينة سرية تحت الأرض لهذه الغاية في منطقة السليل جنوب الرياض.
الإمارات أيضا عبرت عن رغبتها في تطوير قدرات نووية لغايات سلمية. قيل إن سورية كان لديها طموح حتى أن القصف الإسرائيلي لسورية عام 2007 قيل إنه استهدف مفاعلاً نووياً في منطقة الكوبر.
مشروع عربي مشترك
وحول إمكانية وجود مشروع نووي عربي ، يؤكد الدكتور عبد الله الأشعل أستاذ في القانون الدولي في الجامعة الأمريكية علي ضرورة إن يكون هناك مشروع عربي مشترك في مواجهة المشروع الإسرائيلي ، مشيرا إلي قدرة العالم العربي ذلك فهو يمتلك العلماء والثروات ولكنه يفتقد الجرأة في مواجهة أمريكا وإسرائيل .
ويقلل الأشعل في الوقت نفسه من أهمية السلاح النووي ، مشيرا إلى مخاوف إسرائيل المستمر من إمكانية زوالها ومن زوال من يساندها هو الذي يجعلها تتمسك بالبرنامج النووي.
ويؤكد أن الصواريخ الآن أصبحت سلاح ردع مما يقلل من أهمية وجود قوات للجيش المصري في سيناء بمقتضى اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين، التي لا تسمح سوى لعدد محدود من القوات المصرية بالانتشار هناك.
ويوضح أن وجود مشروع نووي مشترك حق للعرب حتى أن كان سلميا لأنه يقدم رسالة إلى المجتمع الدولي ليضع حدا لسباق التسليح النووي وإن امتلاك إسرائيل للسلاح النووي يعطي الأحقية للجميع في امتلاكه.
بدوره ، يقول الدكتور عبد العاطي بدر نائب رئيس هيئة الموارد النووية أن امتلاك العرب لمشروع قومي نووي يساعد في تعميق مفهوم الوحدة العربية المفقودة حتى وان كان في مجال تحلية مياه البحر واستخدامه في أغراض عديدة خاصة أن الكثير من الدول تعاني من نقص المياه والبعض الأخر يعاني من الندرة .
ويستنكر بدر التحركات البطيئة للعالم العربي تجاه ذلك المشروع، ورضوخها للضغوط الصهيوأمريكية في عدم إتمام ذلك المشروع، مشيدا في الوقت ذاته بدولة الإمارات التي أعلنت عن تشغيلها لأول محطة نووية عام 2017 القادم.
ويؤكد علي ضرورة تمسك الدول العربية وفي مقدمتهم مصر بحقها في امتلاك السلاح النووي ، مستشهدا بالمشروع النووي الباكستاني، والنووي الإيراني الذي تحدى كافة الصعوبات وقام باستكمال مشروعه على أكمل وجه، حتى أصبح من العسير على أي جهة إيقافهم حتى لو كان الكيان الصهيوني.
ويستنكر في الوقت نفسه إخضاع المشروع النووي المصري تحت رقابة صارمة رغم عدم تجاوز المراحل الأول للمشروع ، وعدم القدرة علي الحديث عن البرنامج الإسرائيلي .
مصر والهند
وشاركه الرأي الدكتور يسري أبو شادي رئيس قسم الضمانات بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وكبير مفتشي الوكالة سابقا ، منتقدا التراجع العربي في الدخول إلي النادي النووي وخاصة مصر ، مشيرا إلى أن مصر والهند بدأتا المشروع النووي في نفس الوقت في الخمسينيات، إلا أن دولة الهند الآن تفوقت وأصبح لديها ما يزيد عن 20 مفاعلاً نوويًّا، في الوقت الذي ما زالت فيه الحكومة المصرية تعد الدراسات الأولى لبرنامجها النووي.
ويؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تعرض إسرائيل للخطر وتترك إيران تستكمل برنامجها النووي، مشيرًا إلى أن العقوبات التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على إيران لن تؤثر عليها.
ويشير إلي أن إسرائيل لديها حرية مطلقة ولا يسمح لأي مسئول في مجلس الأمن أو في واشنطن أن يذكر كلمة في حقها ، موضحا أن في المقابل العالم العربي يخشى حتى الحديث عن حقها في التساوي مع إسرائيل.
المصدر: محيط ـ هبة عسكر